Friday 22 April 2011

(راسبوتين المفرق...راسبوتين الملتقى)


ميلاد سعيد يا غريغوري العزيز
(راسبوتين المفرق...راسبوتين الملتقى)
نشرت في 22 يناير



((عيناي المحمرتان من الشراب المحلى بالسيانيد رأيتهما على الصليب المفضض، الغجر يغنون يا ابتي.. لو أرقص ...))

أنا الأمير يوسبوف...فيليكس فيليكسوفبيتش يوسبوف... للحظة احسست أن ثلوج سيبيريا هطلت على مفاصلي، تصلبت ذراعي وسرى الخدر حتى أطراف اصابعي. صوبت تجاه قلبه ...اطلقت الرصاص. صاح كحيوان بري ثم ارتمى على سجادتي...سجادة من فرو الدب الفاخر . كم هو صعب قتل رجل! كم هو سهل قتل رجل! رعشة من اصبعي وماكان حيا يتنفس لثوان خلت، صار مرميا أمامي كدمية خرقاء. أنا الأمير يوسبوف... أنا قاتل راسبوتين..الموجيك (الفلاح) القذر.



راسبوتين؟ راسبوتين تعني المتمرد... لقد اختار ان يكون ذلك الشخص الذي يزحف تحت جلدك، إن لم تبغضه فهو لا يجعلك تشعر بالراحة أبدا.

لا لا لا...راسبوتين تعني مفترق الطرق، بوكروفسكوي قريته تقع على مفرق الطرق بين توبولسك و تيومين، لم يفترق الناس في حاضر ماضي أو مستقبل احد كما راسبوتين ؛ أقديس هو أم شيطان، تقي أم فاجر، المبجل ام المغوي.

في الأصل راسبوتين تعني ملتقى الأنهار...وراسبوتين ملتقى للنقائض، خليلاته هن تابعاته التقيات، يفيق من عمق سكرته ليلبي حاجات المؤمنين.دينه لم يفرق بين الجذب و النشوة. هو غجري وهو فلاح. الأعلى وثبا في ساحات الرقص والأطول ركوعا امام تمثال عذراء كازان السوداء. حتى اولئك الذين تجمعوا حوله كانوا ملتقى للنقائض: نيكولاس الثاني-القيصر، كان شديد الرقة فائق العنف...اعني من غيره يشاهد من شرفة قلعته الشتوية مقتل مئتين من رعاياه كانوا يحملون صوره  و أيقونات الرب، ليسهر بعدها في حفل معد على شرفه.والتزارينا زوجته الكسي! فأرة في الحفلات الملكية والمناسبات العامة،و في الخفاء تمسك بخيوط الدوما تعزل من تشاء وتولي من تشاء.



دعونا لا نخلط الامور ببعضها...راسبوتين من راسبوتنيك...التي تعني الانحلال و الدعر...وهذا تماما ما كان عليه، كنت مكلفا بمراقبته بأمر من العائلة الملكية، ولم يكن ذلك بالأمر الصعب! فهو الصاخب الأكثر صخبا في الحانات، الماجن، المتمادي في مجونه في الحمامات العامة. طارده الأزواج المغاضبون والعشاق الغيورون.

يا لتنطع أهل المدن ، نحن الموجيك -الفلاحون- نزجر صغارنا ، نقول يا "راسبوتا!" و الاب غريغوري لم يكن سوى طفل كبير بقلب كبير، كنت من أقرب أتباعه، اتذكرينا يا آنا ، أتذكرين عينا أبيك الزرقاوين الوديعتين.

عيناه فظيعتان، اصبت بالدوار وهو يداعب شعري، خرج منهما نور أخضر فظيع، حلّقت حولي دائرتين من نور، سرى شلل في يدي، و تجحر لساني في فمي ولم يخرج من حلقى سوى هواء ثقيل يباركه!ثم توقف قجأة قائلا:يكفينا هذا القدر يا فتى،عد الينا في مرة أخرى!

((ماتوشكا! ماما الصغيرة ! انت ستذكرين عيناي! تذكرينهما إذ أنا أواسيك.كدت أن تقتلي نفسك ذنبا. قلت لك تلك الأشياء لا تعني شيئا لدى الرب؛ لوثرية أم كاثوليكية.الخطيئة؟ افتحي ذراعيك للخطيئة..اقبليها وقبليها، كما تقبلين ابنك اليكسي. اففففف! قلت لك أكثر من مرة...سيعيش! سيعيش!))

تحريفي ..مجدف...لقد حكى لي بنفسه-كان يعد نفسه صديقي كما تعرف- حكى لي انه ترهبن لدى راهب خليستي! تجديف! يظلون يدورون ويدورون في نشوة ثم يجلد الكاهن أكثرهم شهيقا، فيسقط ويتساقط الجميع من حوله في نشوة جسدية وجماع جماعي... باسم المسيح! فليحمنا الرب!

والدي لم يكن خليستيا...لقد درس الخليستية نعم .كان يحب فيها ذلك الدرب المفتوح إلى الرب الذي لا يمر عبر الكهنة والقساوسة الثقيلون. كان يحب فيها أن الرب موجود بداخلنا. حقا إن الراهب ايليدور يخلط الأمور ، فهو لم يكن يحب أبي و أبي كان يحبه... كان يحب كل الناس حتى اولئك الذين قتلوه.

((أووه عزيزي ايليدور! قلت لك اكثر من مرة، لا تتلوث بالخطيئة بمنع عقلك عنها !    تقبلها واقبل عليها! أنظر الي! (انت سكران يا غريغوري) أنظر! ليس سوى الرب في عقلي وقلبي وروحي! (ضحكة ماجنة :راسبوتين دع الثرثرة مع القس الثقيل وتعال إلي!) ايليدور كلانا نعرف أنه ليس في عقلك سوى صور النساء العاريات))

لقد قتلته!....قتلت المسيح الدجال!....قتلته بخنجري هذا!

" اييييه! ايليدور! انك تحسن الصلاة! ولكن كف عن مضايقة الرب بصلواتك! فحتى هو يحتاج إلى الراحة أحيانا!هيا انهض فهذان الرجلان لديهما شيئا يقولانه لك!"

هذه المرأة جوزيفا مجنونة ! بابا لم يكن دجالا! لم يكن سوى المسيح نفسه!إنني اقول الحق، لقد اريق دمه لأجل البشرية.لقد قتل هو والدوق فردناند في نفس اليوم.بل في نفس اللحظة! وبعدها اندلعت الحرب. واريق دم كل الرومانوف، وسالت دماء كثيرة في كل العالم.

برقية إلى التزارينا : راسبوتين أشبه بصندوق باندورا، يحمل بداخله كل شرور وخطايا الروس.ما ان ينكسر حتى تندلق اهواله على روسيا كلها.

(( يوسبوف الجميل...الأمير يوسبوف له فم جميل، وعينان وديعتان، اختارك انت! ولا احد غيرك! بثلاين شيخلا فضيا، اغرز خنجرك في عميقا...فكل شيء يؤلم)).

انحنيت لأتأكد من موته. الملعون شرب سبع كئوس مطعمة بالسم، وكعك مرشوش بالسيانيد الأبيض كالسكر...لم يمت! لذا اطلقت عليه النار،من أجل القيصر،من أجل روسيا.ظل ساكنا.وفجأة! ارتعش جفناه، ثم وكأنني مقيد إلى كابوس، خنقني بيديه الخشنتين.ظل يردد بصوته الفظيع...يوسبوف!يوسبوف!يوسبوف...لن أنسى ذلك ما حييت!

وجدوا جثته في بحيرة جليدية، كان يرسم الصليب على صدره بثلاث أصابع، رأسه مهشم، ذكره مقطوع (يقال أنه عند امرأة انجليزية مسنة تملك وقتا ومالا وفيرا)، ثلاث رصاصات تخترق صدره ، وسم كاف ليقتل اسطبل خيول قوية...ومع ذلك مات غرقا!



نعم أنا راسبوتينية، دعني أعلمك تميمة قواه الخفية. لن تكون غريبة عليك.ان اقتبس من انجيل مرقص عندما ابان الرب نفسه للاحدى عشر، ومنحهم ألسنة التبشير وقوى الشفاء..ردد معي.

((عندما أتتني عذراء كازان السوداء..سيدتنا ..وهي التي قالت من قبل "أنا سوداء يا بنات أورشليم ولكني جميلة".ولهذا السبب أتت إليّ ،وأمرتني بالمسير،فبلغت المقدس راجلا. حين يسألونني يا ماتوشكا -يا ام روسيا- ما التقوى؟ أقول: قدمان قويتان))

جلالتكم تفعلون حسنا إذ تصغون إليه. أرض روسيا تتحدث بلسانه.نعم لقد أخطأ كثيرا.خطايا سوداء سوداء.لكن توبته صادقة ومحمومة.ويعود كل مرة كطفل نقي...انه بين يدي الله.
"انا لست سوى موجيك...فلاح قذر! بحذاء اخرق!... يتبختر على بلاط القصر"


No comments:

Post a Comment