Thursday 9 April 2015

حوار مع عصمت الدسيس


 هذا الحوار أداره الأستاذ أشرف السماني على صفحته المميزة على الفيسبوك حوارات.. والتي أدعو الجميع لزيارتها. الصفحة تقوم بمحاورة رموز الحركة الطلابية في التسعينات منذ بداية هذا النظام بإنقلاب يونيو .وبالنسبة لي فهو يمثل ذلك الصوت الغائب عن الحركة السياسية (خارج إطار فعل التضامن والمناصرة السياسية) فهنا تسمع رؤى وصوت "الشباب" كما يحلو لعصمت الدسيس تنصيص الكلمة.إذ أنه كما يعلق ليس سوى في - السودان يعد الأربعينيون شبابا- في هذه الصفحة يتم دعوة رمز شبابي ويفتح المجال لرواد الصفحة ليطرحوا عليهم الأسئلة، وقد استضافوا من قبل على سبيل المثال  الأستاذ محمد فاروق،  الأستاذة رشا عوض والأستاذ محمد الفكي و الأستاذ محمد 
حسن التعايشي،
https://www.facebook.com/groups/331221600400645/

عصمت الدسيس شخصية أثارت -وأحسبها لا تزال تثير الجدل في أوساط الحركة السياسية الطلابية، لجرأته في الخروج عن تقاليد الممارسة السياسية، اثار جدلا عند خروجه من الحزب الشيوعي والتحاقه بحركة حق، ثم بخروجه عن حق والتحاقه بحزب الأمة. رغم صيامه عن الحديث في الشأن العام الأ أنه اتيح لي "كزوجته ورفيقة" أن أتابع عن كثب حضور هذا السؤال بشكل دائم في حياته اليومية.وعلي أن اقول بنفس القدر المثيل الجدل منذ أيام نشاطه الطلابي
شهادتي فيه مجروحة لكنها لن تثنيني أن أقول أنه لم يلتقيني له نظير (اثناء حركتي في العمل العام- لو ممكن أسميها كدا) في تناوله للقضايا التي تشغله بتعمق واجتهاد مستمرين إذ أن الإجابة على أي سؤال بالنسبة له هي عملية مستمرة لا تنتهي. لذا تمتعت كثيرا (واستلفت كثيرا) رؤيته المغايرة للتيار العام لكل ما يحدث حولنا.وقدرته على تجاوز العاطفة العامة (بدايات ثورات الربيع العربي) بثقب نظر يحسب . له
ورغم ما يوصف به "من تأرجح" في مواقفه السياسية، فلم اجد نظيرا لعصمت في اتساقه الفكري والسياسي والتزامه التنظيمي للمؤسسة التي كان ينتمي إليها في كل وقت.
لقد أعدت تنسيق هذا الحوار بما يروق لي.. وقد افترعت عناوين جانبية له سريعة.. ايضا بما يروق لي.. فقد نقلته عن صفحة حوارات ولم اشاور في ذلك عصمت أو الأستاذ أشرف كي أخلي طرفهما من أي اخلال في السياق
وهي مقسمة كالاتي 
١- التدين وأسئلة الحاضر
٢-أدوات التغيير
٣-الفرق بين الإنتماء لحزب والولاء له
٤- نداء باريس...نداء السودان؟
٥-الإحباط؟
٦-برنامج موحد للقوى السياسية؟
٧-جيل التسعينات
٨-تخوين المعارضة؟
٩-المثقفون داخل الأحزاب السياسية
١٠-الحركات الشبابية؟
١١- التكتيك وتعميق الأزمة السودانية
١٢-ميزة حزب الأمة الإيجابية
١٣- العداء مع القوى القديمة
١٤- المعارضة المسلحة
١٥- الصراع بين القوى الجديدة والقديمة
١٦-المهدية الجديدة؟
١٧-تجربتي في الحزب الشيوعي وحق
١٨- هدنة بين الحركات الشبابية والقوى القديمة
١٩-التوابون- السائحون- الإسلاميون خارج السلطة
٢٠-الإقتصاد الطفيلي في ظل الإنقاذ
٢١- مالات العمل المسلح
٢٢- الأغتيالات كحل؟
٢٣- والمفاوضات؟
٢٤- المخرج من الأزمة

التدين واسئلة الحاضر
التدين هو الممارسة المادية للدين،و لا أقصد ب"ممارسة مادية" 
عزل الاحتياج الإنساني للانتماء
فلاهوتية الحاجة لإله هي إنزال لفكرة الاله، لذا فإن توصيف
الاله هو مُعضلة لاهوتية من جانب مادي مُرتبطة بمستوى الوعي و القُدرة على التخيل
من أجل ذلك نجد أن مفهوم "الاتفاق الديني" حتى داخل الدين الواحد صعب الحدوث على المستوى المادي ( التدين) و لكن الصراع ( التدافع) او دفع الناس بعضهم ببعض و تدافع و صراع السؤال و الحاجة البشرية هي سِلم الترقي نحو الله و بها تُحفظ الصوامع و البيع والمساجد ليُذكر فيها إسم الله


أدوات التغيير
 أدوات التغيير مهمة بأهمية التغيير نفسه
فإذا تم بأدوات القوى القديمة فسيكون لصالح القوى القديمة
و يعيدنا الى نفس دوامة الأزمة السودانية لذا ضروري
و لصالح الثورة ان تفرض القوى الجديدة في الأحزاب السودانية
أدواتها و شروطها للتغيير و هذا أمر صعب لان القوى القديمة
تتمسك بالحياة و تحتال للاستمرار قد تقدم بعض التنازلات التكتيكية، لو رصدت الخطاب السياسي للأفراد و المؤسسات السياسية تجده أقرب لل( التنقل) منه الى المواقف السياسية

 الفرق بين الإنتماء لحزب والولاء له

المنظومة السياسية هي جسم مدني و يحب ان ننتمي لها وفق شرط مدني و مفهوم الانتماء و الولاء البدوي ( قبيلة و دين و .. الخ) يلغي ال"انا" لصالح المؤسسة لان ال"انا" جزء من القطيع لذا يكون الخروج على القطيع جريمة و عار ، اضافة الى ذلك ايفاء احتياجات الأنا في الانتماء البدوي للقطيع لغياب مؤسسات المجتمع المدني التي توفر إحتياجات الانا دون الارتهان لسلطة القطيع الانتماء المدني تكون داخله و به حر و قائم على شرط مثل شرط الاتفاق وبالتالي غياب الشرط او الاختلاف حوله يلغي التعاقد  :الانتماء
قد تستغرب قولي لان هنالك خلط بين الانتماء و الولاء و مازال

الولاء يلغي الانا بمفهوم أقرب للعبودية



نداء باريس... نداء السودان؟ 

في تقديري ان تعفن الأزمة السودانيةو تكرار تشخيصها جعلا مؤشرات علاجهاواضحة و ما يحدث هو مراوغات و تكتيكات قوى تحاول ان تحدد صيغة تغيير لا تلغي وجودها، أي: تغيير تكون هي البديل فيه، فمثلا عندنا في حزب الأمة فإن منطقية و ميكانيكية التغيير الوطني ستطال القوى القديمة في الحزب و هي تحاول ان تحتفظ بالسلطة بعد التغيير احيانا بإنحياز تكتيكي و احيانا بمواقف سياسية تعيق التغيير نفسه. إختصارا اعلان باريس و نداء السودان فعل إيجابي و لكنه لم يتجاوز محطة ميثاق اسمرا و لم يأتي بجديد .. الأزمة ليس في المواثيق الأزمة في التأمر عليها و إستخدامها التكتيكي فالمدهشة انه بعد التوقيع على ميثاق اسمرا وقعت كل قوى ميثاق اسمرا أوراق مع السلطة تلغي أتفه حرف في ميثاق اسمرا

الإحباط؟

 الذين فقدوا الثقة في القيادة السياسية فهذا موقف مقبول نتاج تجريب اكثر من ربع قرن و لكن الاحباط هزيمة لان القوة القديمة إستنذفت طاقتها و قذفت في وجهنا السؤال و الاحباط هو هروب من وأحب السؤال فالتمرد مسؤلية و ليس فوضى و صراخ... يجب ان لا نعادي القوة القديمة في أحزابنا و إعطائها ( براح)  للهبوط الآمن إنها ليست عدو بقدر ما هي مرحلة

برنامج موحد للقوى السياسية؟ 

برنامج موحد يمكن ان يكون مشروع إستراتجي... ؟؟؟ هذا هو السؤال المأزق، لأنك لو راجعت كل الاتفاقيات بين القوى السياسية لا تجد لها صدي في بنيتها الفكرية الحزبية لذا تنهار هذه الاتفاقيات و مكتسباتها مع اول خلاف مرحلي نموزج اتفاقية مشاكوس بين قوى اسلام راديكالي و الحركة الشعبية بشعاراتها العلمانية خلقت كذبة دستور وطني و صراع يومي الى درجة ان وزراء الحركةالشعبية كانوا رموز معارضة في ذاك الزمن الى ان انتهى الامر بالانفصال ليس انفصال الحلفاء و لكن انفصال الوطن.... و تنظيمات ذات هوية دينية توقع على فصل الدين عن الدولة دون اي فعل فكري في احزابهم يشير لصدق التوقيع لذا الإصلاح الحزبي هو احد أدوات تغيير النظام السياسي ... لإيجاد هذا الاتفاق الاستراتيجي لابد للقوى السياسية ان ترتقي بخطابها الفكري لمستوى الأزمة الوطني
 .
التغيير هو بداً كسر التابو و مناقشة المُحَرَّم مثلا عندنا في حزب الأمة طبيعة علاقةأمة طبيعة علاقة الانتماء الحزبي غير عادلة و لا تمثل مصالح الفرد و هي أكثر تخلُّفا من علاقة أنصار الامام المهدي به فتلك علاقة منطقية و مفهومة قائمة أساسا على خطاب تحرير وطني و مصالح متضررة بمعنى ان الثوار( الانصار) كانوا يعبروا عن مصالحهم بالانتماء للثورة في المقام الاول و ايدلوجية الثورة المهدية قامت على هذه المصالح لذا تجد ان صراع المصالح و الحقوق كان مُحرك لكثير من الخلافات و سط الثوار و قادة الثورة خصوصا بعد انتقال الامام للرفيق الأعلى ثم صعدت الثورة الى أسفل بتحولها الى طائفة تعبر عن مصالح قلة و توجد صيغة عقد جديد هو ديني قلما يحتمل السؤال السياسي المطلبي و التغيير هنا هو إعادة بناء العلاقة بين الحزب و أعضاؤه لصالح السؤال السياسي المطلبي و الحقوقي و من ناحية أخرى فإن نهج الثورة المهدية الفكري قام على إصلاح ديني تحرري ( لاهوت تحرير ) فيه تصدى و رفض سلطة الاحتلال المصري التركي بإسم الدين و رفض مُجمل المشروع الديني لسلطة الاحتلال كمدخل لتدين يوافق و يتقبل الشرط الإنساني الوطني و عليه و تأسيسا على الثورة المهدية فإن التغيير شرط هي قامت عليه على مستويين فكري ( إصلاح ديني وطني ) و سياسي و هو العلاقة العادلة داخل المنظومة السياسية و هي علاقة مكنت خليفة المهدي من السلطة في حياة الامام و بعدها دون اي ضغوط طائفية او أسرية فالثورة كانت تصنع رجالها بعدالة ثورية.

جيل التسعينات 

جيل التسعينات عموما في مأزق مع أحزابه لان هذا الجيل نما و تتطور بمعزل عن اي تأثير لقيادته السياسية كما انه كون تجربته السياسية في وقت ما زالت القيادة السياسة محصورة في اكليشيهات ما قبل ابريل هذا الحيل احتكاكه اليومي و صراعه مع السلطة إكتسب وعي و أدوات عمل ثوري مرفوضة من المؤسسة السياسية التقليدية ( عموم الأحزاب ) هذا خلق تنافر بينه كجيل و منظومته السياسية و أصبح هذا الجيل امام خيارات اعادة تشكيل الحركة السياسية او المغادرة إحباطا او التواطأ مع القوة القديمة ضد ما يعتقد .
لا توجد بدائل و العملي هو العمل بهذه المؤسسات ندفعها باليمنى في خط إسقاط النظام و نعمل باليسرى لإنجاز التغيير داخلها.

تخوين المعارضة؟

المعارضة على المستوى السياسي تبذل جهد لا نستطيع تخوينه و لكن على المستوى الفكري لم ترتقي لمستوى الأزمة بعد فخطابها السياسي قديم و معزول عن أسئلة الواقع و ما تراه من هدوء للشارع الوطني سببه غياب الخطاب المُعبر عن الشارع ، مثلا لو إشترطت المعارضة على السلطة ضرورة تسليم الملف الصحي للجنة وطنية و وقف تصفية المستشفيات الحكومية كبادرة حسن نية ، اشترطت هذا لدخول اي مفاوضات ستجد الشارع ينتبه و ينتمي لان همه هو شرط الفعل السياسي.

المثقفون داخل الأحزاب السياسية

مؤتمر الخريجين و إستسهال السياسة في ذاك الزمن هو قول أتمنى له مقام ... و لكن حصيلة هذه التجربة كانت و ما زالت تتمثل في لعب المثقفين دور الرجل الثاني في هذه الأحزاب و أضعفت وجودهم فيها لدرجة سهولة الاستغناء عنهم كتكنوقراط دون ان يرف لجماهير هذه الأحزاب جفن لان الأصل في وجودهم ( وجودنا) في هذه الكيانات طفيلي لأنها موجودة قبلهم بمواثيقها و تعاقداتها ، هذا الاستسهال أجهض التطور السياسي و عزل المؤسسة السياسية من جماهيرها المطلبية و أجهض وعي و ثقافة الحق . مشروع التغيير الآن هو خروجنا من مقام الوجود الطفيلي في هذه المؤسسات الى مقام الانتماء لجماهير و خلق و بناء وعي و ثقافة المطالبة بالحق ... الانتماء المدني للحزب و إعادة تصعيد المشروع السياسي من الجماهير و إليها.


الحركات الشبابية 

الحركات الشبابية في الحركة السياسية هي قوة رفض و سهل جدا ان ترفض و لكن الأشكال في تحديد ما تريد و الخروج من وعي و خيال و أدوات القديم لتبتدع أدواتك و حلمك لأنك طرحت برفضك سؤل جديد يلزم بالضرورة اجابة جديدة . 
كل هذا يلزمه التنظير فهذه الحركات بلا جهد فكري ستظل حركة رفض هشة مثل تجربة المحايدين في الجامعات السودانية بداية و أواسط التسعينات سيطرت على جامعة الخرطوم و كادت تلغي كل القوة السياسية و بسطت أجنحتها في بعض الجامعات و لكنها إكتفت بأنها حركة رفض مطلبية بلا اي مشروع جديد ثم أخذت في التلاشي لهشاشة جسمها ، الآن هذه الحركات الشبابية مواجهة بنفس المصير ما لم تقدم مشروعها النظري ... الشي الثاني في حالة الفراغ النظري ستجد هذه الحركات نفسها تستعير ( و بخجل) في أدوات القوة القديمة في العمل 
اليومي الى ان تصل درجة مشابهتها موضوعا و اختلافها شكلا.... تعلم يا صديقي ان وجودها خصما على الاخر السياسي و هنا اتذكر توحش الاخر السياسي في صراعه مع حركة حق.

التكتيكي وتعميق الأزمة السودانية 

هذا ما جعل الأزمة السودانية تتعفن و يسكنها الصديد ان الفعل السياسي السوداني ظل طوال تاريخه يهرول خلف التكتيكي و رزق اليوم باليوم الا من قليل من الجهد الفكري( محمود محمد طه إستثناء) غياب التنظير او حركة التفكير ( التشخيص ) للازمة الوطنية ترك الفعل السياسي للتقديرات الفرديةو ردود الفعل الغريزية.
حالة الثبات التنظيمي و عدم تداول السلطة داخل أحزابنا أحدثت إحتباس على كافة المستويات التنظيمي و الفكري حتى المزاجي فمزاج المنظومة السياسية غير متناغم مع خطو الشارع وبالضرورة غير منسجم مع الساحة السياسية العالمية و غير قادر على مخاطبته و التغيير داخل هذه المنظومات ضرورة وطنية اكثر منها دولية ، و لكن للمجتمع الدولي حسابات اكثر تعقيدا من هذا ،منها حجم السودان في السياسة الدولية و صراع المصالح و تقاطعاتها ... أعتقديا حبيب ان الاعتماد على التغيير بقوة دولية كشي أساسي هو إشارة لفشل المشروع السياسي الوطني.

ميزة حزب الأمة الإيجابية

الميزة الإيجابية في حزب الأمة ان لا رقابة على الضمير فيه و لم يفصل كادر لصراع فكري و هو حزب مفتوح أقول فيه قولي هذا منذ ايام الجامعة و انا ضمن آخرون نبشر بهذا القول تحت سمع و بصر السيد الصادق و سبق ان إفتتحنا مركز دراسات بأمدرمان للتبشير بالحداثة و بناء حزب مدني ( لا أسري و لا طائفي) كان أغلب تمويله من السيد الصادق نفسه .. لدينا ما يكفي من مواضيع الصراع مع قيادة حزب الأمة و لكن ليس ضمنها تكميم الأفواه او عزل الكادر عن جماهير الحزب هو صراع مفتوح نلتزم بشرطه الاخلاقي و الديمقراطي.

العداء مع القوى القديمة 

القوة القديمة ليس شخص هي نظام يستفيد من وجودهم أفراد أصطلحنا على الإشارة لهم كقوة قديمة و لكن شخصنة الصراع مع أحدهم ترهل الصراع ، بالإضافة إلى انهم كأفراد قد تتفق مع مواقف متفرقة معهم و الخلاف يتلخص في عملهم على الحفاظ على سيستم القوة القديمة و أدواتها ، خذ عندك نموذج سيد الصادق فهو يدير الحزب بعلاقات قوة قديمة في اطار هيكل تنظيمي مدني و لكن التوازنات الاثنية و الدينية و حتى الأسرية حاضرة بقوة في طيات هذا الهيكل، هنا العداء للسيد الصادق لا يغير شي لان هذا السيستم متماسك بعلاقات معقدة في بنية الحزب، تفكيكها يبدأ بإعادة تعريف الانتماء للحزب وسط العضوية و تصعيد حقها في الانتماء لحزب مدني، اما تجسيد الشر في شخص فهو قصر نفس فكري و هروب من صعوبة معركة التنوير و ساحتها هي الجماهير ،انا لا أدعو لشيطنة احد لان هذا يحول مشروع التغيير الى صراخ و شد شعر و من ناحية ثانية يورط التغيير في صراع أقطاب القوة القديمة.


المعارضة المسلحة
بعد عودة المعارضة للداخل مهزومة بقصر نظرها و تصلب القوة القديمة فيها إتلهت و تلهت بأجند صراع او تقاسم او شراكة السلطة و لم يقدم خطابها السياسي اي رؤية لحل أزمة السودان بدليل مفاجأتها الكاملة بإنطلاق الثورة المسلحة في دارفور و سلبيتها تجاه انفصال الجنوب و وقفها موقف المتفرج من صراع السلطة بين الحركة الشعبية قطاع الشمال و النظام الى ان تفجر الصراع بحمل السلاح ، كل هذا و القوى السياسية لم تغادر أُمدرمان حتى عندما وصلتها شظايا الصراع في امدرمان بهجوم العدل و المساواة على امدرمان ارتبكت فصائل المعارضة اكثر من النظام و أصدرت تصريحات مُخجلة.
في ظل هذا الفراغ السياسي و مركزية الخطاب السياسي نشأت الحركات المسلحة و حالها يقول نحن أولى بأنفسنا و عقيدتها القتالية ( ولو كانت إثنية ) لم تكن خيارها و لكنها نتاج تخازل و خذلان الأحزاب السياسية و تغييب حقوق و مظالم شعبنا من خطابها السياسي و الفكري لو تطرفت لقلت حد الخيانة الوطنية. 
كل هذا التراكم موجود بوعي او بدون وعي في بنية هذه الحركات و أفرادها و لتغيير هذه البنية نحتاج لجهد فكري و عملي اساسه نقد الذات و إصلاح العمل السياسي و سط الجماهير. 
مصداقية حزبنا في نداء السودان تبدأ بإصلاح حزبي يشابه فيه الحزب روح نداء السودان بإخراج خطابه السياسي من مركزية الوسط الى مركزية الأزمة في الأطراف و التوافق على رؤية السودان الجديد كخط سياسي، دون هذا سنعيد تجربة التوظيف التكتيكي للمواثيق و تضخيم ملف عدم الثقة و النقض المفاهيمي للعهود و المواثيق ، أزمتنا الآن هي عدم الثقة و حزبنا يحتاج للعمل لإعادة الثقة في خطه و فعله السياسي. 
ما يحدد مستقبل المناطق الثلاثة هو موقفنا منها فتعاملنا التكتيكي يدفع الوضع للتأزم و يهدد الوحدة الوطنية ، المصداقية تجاه هذه المناطق ان يكون خطنا السياسي تجاه الثورة و إعادة بناء دولة المساواة و الحقوق و ليس فقط تغيير النظام و هذا سيساعد في تغيير عقيدة المواطنة و ليس فقط عقيدة المقاتل.


:صراع القوى الجديدة والقديمة

مآلات الصراع بين القوة القديمة و قوى التغيير تحكمه شروط كثيرة منها مدى نضج القوى الحديدة في الأحزاب يقابله تفهم القوة القديمة لحقيقة الوضع و تقديم مصلحة الوطن في الخلاف لأحداث تسوية تعفي القوة القديم من عئب المسؤلية و المساءلة التاريخية ، و من هذه الشروط المرحلي الوطني و ضرورة تقديم القوى الجديدة بعض التنازلات للقوة القديمة لصالح التغيير السياسي و تغيير مناخ الصراع معها من خلاف تحت مظلة حكم شمولي الى صراع في مناخ ديمقراطي.تجربة بريطانيا 


المهدية الجديدة؟

 اما عن العودة للمهدية فليس بشروط السلفية ( السلف الصالح) لان المهدية كان لها شرطها السياسي و الديني الذي يجيب على أسئلة الأزمة في ذاك الزمان و لكن ان نكون إمتداد لها فهذا ما نحاوله الآن ولكن ليحدث هذا لابد من تأطير المهدية اولا لنستطيع ان نشير بأصبعنا و نقول هذه هي المهدية . 
و إشكال هذا ان المهدية لم تحظى بتأريخ فكري يوازي حجمهاو ذلك للأتي
١/ مقاطعة حجم مُقدَّر من النخبة للثورة ( طرق صوفية- تجار - رجال الدين الرسميين.. الخ) 
٢/ هذه المقاطعة ضيقت مساحة الحوار و الكتابة 
٣/تقديم الثورة و العمل المسلح على غيره و إنهاك الامام باليومي الاداري
٤/ بساطة الخطاب الفكري لاهتمامه باليومي في مجتمع بدوي لا يحتاج الا الخطاب المباشر .
٥/ قصر حياة الامام و عدم وجود خلافة فكرية و عدم الاهتمام بالمشروع الفكري بعد انتقاله للرفيق الأعلى . 
في خلافة خليفة المهدي بدأت بوادر ردة أثنية و ثقافية نخرت لُب المشروع المهدوي ممثلة في عدم التراضي حول خلافة خليفة المهدي هذا الصراع و رغم قدمه أسس للمصادرة الاسرية للمهدية ( خلاف ما أراد الامام ) هذا غير علو الاثن في بسبب هذا الصراع. 
لاحقا ( المهدية الثانية) قامت على شروط الطرق الصوفية مع اختلاف المسميات الهيكلية لتتحول المهدية لطائفة. 
ثم الثالثة بكتابة السيد الصادق المهدي لكتاب (يسألونك عن المهدية) و الذي اجابة فيه عن أصل المهديةو عرفها بشكل سلفي مُغاير لأصل المهدية المرتبط بتاريخ التدين السوداني
هذه المراحل جعلت من مدلول المهدية باهت و يمكن ان يفهم أحدهم المهدية و التدين الأنصاري بأنه إمتداد للإسلام السياسي او مشابه للجماعات السلفية و يمكن ان نراها ذات مزاج صوفي ثوري... الخ
هذا إستعراض مُختصر و قد يكون مُخل أضف لذلك ان نتحدث عن المهدية ببعدين سياسي و ديني قصدت بهذا الركض السريع ان أقول ان ليس هنالك حل جاهز او سهل للخروج من الأزمة.


تجربتي في الحزب الشيوعي و حق

يحضرني هنا ان أقول ان في مساء يوم الانقلاب إجتمعنا نحن سكرتارية ج د الثانويات و قمنا بتحليل الانقلاب و وصلنا أنه انقلاب جبهة إسلامية و وضعنا خطة تأمين ج د و أجزنا خطة عمل لمكافحة الانقلاب و بدأ تنفيذ الخطة صباح اليوم الثاني بإصدار بيان يشرح طبيعة الانقلاب و يحذر من الدولة الدينية و ضياع مكتسبات الدولة الحديثة
قصدت بهذا التداعي ان أنعش روحي و أوضح حجم تلك المؤسسة..
كثيرا ما تكلمت في هذا الامر و قد شغل الرد على سؤالك أركان طويلة ايام ( حق) ثم تكرر الامر في أركان حزب الأمة حتى انني أصبحت أمتلك اجابات جاهزة دون تفكير فيها حيال نقدي للفكر الماركسي و نقد تجربة الحزب الشيوعي .
أختصر لك الامر إبتداءًا بصراع انت كنت جزء منه و هو خلافي مع الحزب حول علاقته ب (ج د )تكثف الصراع عندما قرر الحزب فرض خطة عمل على (ج د) مما أدى لتفعيل اللائحة ضد الشيوعيين في السكرتارية و توقيفهم من العمل في ابلغ تحدي لسطوة الحزب الشيوعي تلاحقت الأحداث كما تعرفين الى ان كون الحزب الشيوعي سكرتارية موازية لسكرتارية (ج د) في انقسام 
قام به الحزب ثم فصلي من الحزب
المرحلة الثانية في جامعة الجزيرة حيث رجعت ل ج د ( دون نقد ذاتي) و لكن سرعان ما نهض الخلاف بورقة حول الديمقراطية المركزية و أسس التحالف بين الشيوعيين و الديمقراطيين معها ورق حول تطوير التعليم الماركسي تأزم الموقف الى درجة انقسام آخر تحت مسمى ج د الجناح الثوري ثم كانت احداث ١٩٩٤ جامعة الجزيرة لمأتي للأهلية و هذه مرحلة انت عايشتها فيها تبنيت خطابي الفكري في منابر ج د و هي عزلتني حيث كنت عضو مغضوب عليه و حاولت نشر خطاب تغيير بشراكة آخرين الى بديات ظهور ( حق) حيث إستقلت ( تُرجمت إستقالتي لفصل) من ج د لنبدأ بناء مشروع القوة الحديدة وسط اليسار 
في هذه المرحلة و بحصار التجمع لنا- إنعكاسا لموقف الحزب الشيوعي كان حزب الأمة حليفنا الاخلاقي وسط الحركة الطلابية دون اي اتفاقات او اجتماعات ثنائية و أظنك تذكرين مدى العداوة في تلك الأيام .هذا التقارب المادي كشف لي لأول مرة حزب الأمة و قد كنت قبلا مُهتم بالثورة المهدية و الامام المهدي لدرجة ان اول جملة قيلت في اعلان ( حق) جماهيريا كانت مقولة الامام (... هم رجال و نحن رجال....)و بإختلافنا مع قيادة ( حق) كانت تجربتي النخبوية قد إكتملت حيث أني دخلت صراعات مُنهكة صداها العملي لا يتجاوز دائرة قطرها " جدعة حجر" كنت معزول من الجماهير و فعلي معزول و صراعي نخبوي و تحصيله لا يتجاوز النخبة ، انا لستُ سياسي بقدر ما انا مطلبي. حزب الأمة لم يستفز عزلتي بكثرة جماهيره و لكن بحقيقتها هؤلاء هم شعبي ، طبقتي ، الانصار البسطاء ملح الارض مظالم و انتهاكات تمشي على قدمين فقر يتوارى خلف صدق الانتماء و أناقة الجُبة الأنصارية قرأت عن البروليتاريا ( و انا منهم) و لكن الآن لمستهم بيدي في زحمة الانصار تشتم عرقا ينز ثورة لن تتأففي منه لو كنت بنت الطبقة انا لا ادعي أنني انصاري و لكن الانصار طبقتي و مصالحي الطبقية هي مصالحهم و نضالهم نضالي انا في مكاني الصحيح.

هدنة بين الحركات الشبابية والقوى القديمة 

الحركات الشبابية ( القوى الحديدة) تحتاج لتكتيك يقلل صدامها مع القوة القديمة في منظوماتها و تفكيكها عبر التسويات ان أمكن كما تحتاج ان توازن بين مصالحها في إسقاط النظام و مصالح القوة القديمة في إسقاط النظام لان الاحتكاك التكتيكي في هذه النقطة يكون لصالح النظام و يمدد عُمر القوة القديمة لان النظام حريص على بقاءها بإرتباط بقائه به كقوة معارضة هشة علينا حماية القوة القديمة من النظام و ذلك بالتواجد المستمر في فضاءها السياسي و عدم ارهاقها ( و إرهاق أنفسنا) بمعارك يمكن تجاوزها او تأجيلها


التوابون- سائحون- الإسلاميون خارج السلطة

الإسلاميين خارج السلطة الآن او التوابين هم تيارات مهزوزة عقائديا التحالف معها يستنزف قوة المعارضة كتجربة المؤتمر الشعبي الاخيرة و انا لا أشجعه من منطلق موضوعي و ليس ذاتي و على المستوى الفكري لم يقدموا حتى الآن مراجعات فكرية لمواقفهم مما يعاني ان موقفهم من النظام ناتج لصدمة فشل مشروع الدولة الدينية او نتاج صراع سلطة بينهم اما نشاطهم المعارض للسلطة فإن لم يخدم خطة الثورة فلن يضره. 
مجموعة التوابين ستكون سؤال مُنهك للقوة السياسية و العدلية بعد إسقاط النظام.

منذ يوم الانقلاب تأريخ للانحطاط في المجتمع فمنذ أيامهم الأولى عملوا على إلغاء الموروث الوطني بحلم ان يبدأ التاريخ الوطني ، جهدهم في تدمير الحالة السودانية و تحديدا إنسان الوطن أسس لانخطاط في مل شي بداً بتدميرهم لمؤسس الخلاوي بكل أعرافها و تراكمها المعرفي و العُرفي مرورا بتدمير مؤسسات التدين السودانية و تشويهها لدرجة ظهور ظاهرة شيخ الأمين ببيت المال .
. كل هذا خصما على التدين الاسلامي سوداني، هذا العداء لمؤسسة الاسلاموسوداني أحدث فراغ بإضعافها و تجهيل خطابها هذا الفراغ كان بوابة دخول الجماعات الاصولية لتجد الواقع مهيأ لها برعاية الجهل من السلطة في كافة مستويات التعليم إن الخراب الذي طال الشخصية السودانية هو الخسارة الأكبر لنا و الإنجاز الأهم لهم لان سلطة الجهل لا تحكم الا أرض الجهل و الظلام . طوال معارضتنا للسلطة لم نقاتل للحفاظ على مكتسباتنا الجمالية و الانسانية بل العكس تماهى الكثير من شعبنا في ثقافة القُبح من طريقة اللباس و الزِّي انتهاءا بالاخلاق لذا انا ميال لمفردة ثورة اكثر من تغيير النظام يجب ان نصيغ خطابنا المعارض لثقافة القُبح التي ترعاها السلطة بكل مؤسساتها. 
خراب بهذا الحجم ضروري ان يعزل المؤسسات السياسية و الحقوقية عن الناس لانها لم تستوعب حجم التغيير في الشارع ولم تقدم بديل جمالي يحارب هذا القُبح والانحطاط . 
واﻻشارة لتفاعل هذا الجيل مع الانحطاط الموسيقي و تشويه تراث المدائح يحب ان يقابله طرح معُارض في الموسيقى و عموم الفن معركتنا مع السلطة ليس بخطاب سياسي قديم إنما بالتصدي لها أينما وُجِدت في مسرح او مرسم او نص شعري علينا ان نقدم خطابنا الجمالي
أدهشتني ملاحظتك حول الاختفاء بالمناسبات الاجتماعية فرغم إيجابيتها الظاهرية فهي إشارة لحصار الشباب و غلق كل منافذ التنفس 



الاقتصاد الطفيلي في ظل الإنقاذ

النشاط التجاري او حركة المال أغلبها تتم في الإطار الطفيلي الذي ترعاه السلطة و ليس له اي عوائد تنمويةو ابلغ نموذج لذلك هي تجارة الدواء بكل خطورتها، تجارة قد تحقق مكاسب و لكن المواطن هو الذي يدفع الكلفة بإستهلاكه لأدوية فاسدة بضائع غير خاضعة للمواصفات او استيراد زبالة الاستخدام الثاني للسيارات و قطع الغيار و هذا تدفع البيئة و صحة المجتمع كلفته هي تجارة ليست ضمن اي رؤية تنموية آثارها على الاقتصاد و الصحة و البيئة ستكون كارثية مثلها التنقيب عن الذهب دون إشراف الخبرة التعدينية عليه هو تدمير لموضوع التعدين و هذا مشابه للدمار الذي اصاب آبار النفط جراء إنهاكها دون مراعاة لعمر الانتاج و قدرة البئر على الانتاج اليومي هذا إضافة لخطورة المواد الكيميائي المستخدمة دون إشراف اومعرفة خطورتها على التربة و المستخدم نفسه ، مثل هذه الفوضى يندفع ثمنها نحن و 
الأجيال القادمة.


مآلات العمل المسلح 

العمل المسلح الان هو الأنشط و الأكثر فعالية في المعارضة الوطنية و ظل السلطة الاداري يغطي فقط المدن و بعض أطرافها .
لو أعدت النظر لإنتشار المليشيات في السودان ستدرك حجم الكارثة بغياب و تغييب الجيش الرسمي للدولة فأغلب المناطق العسكرية تحت سيطرة المعارضة و مليشيات تابعة للسلطة و غير منضبطة و حالة موسى هلال أوضح نموزج و لكن يبقى شيء من الأمل في ضبط إيقاع هذه الفوضى بجهد القوى المدنية لخطوة نداء السودان و فبله إعلان باريس و ذلك بدفع المعارضة المسلحة نحو الشراكة السياسية السلمية .
في ظل عدم مسؤلية النظام و هيستيرية محاولاته للحفاظ على السلطة تبقى كل الاحتمالات واردة
العمل المسلح نتاج تراكم أحدث تغيير نوعي في موقف الأطراف تجاه السلطة المركزية و خلق قاعدة وعي جديدة. هذا الواقع لا ينفي ذاته لصالح العدم إنما لواقع هو امتداد له و هذا الامتداد .يمكن ان يكون بنية مختلفة للدولة، او تصعيد حرب المليشيات عموما نفي النفي مستمر بتصاعد الوعي في بنية الحركات المسلحة و نضجها و سبق ان ضربت مثلا لذلك بنداء السودان على المستوى النظري تبقى اسقاطه على الواقع لأحداث تغير نوعي في الخطاب السياسي


الإغتيالات كحل؟

الاغتيالات الفردية عمل فوضوي و يائس لانها تصفي أفراد النظام قادر على تعويضهم و الثورة هي تصفية النظام على المستوى المادي و المفاهيمي

والمفاوضات؟
اتفق معك ان المفاوضات تطيل عمر النظام بطابعه الشمولي لا يمكن الوصول معه لتسوية لصالح الديمقراطي و السلام لان قبوله بذلك يعني الانتحار له.

المخرج من الأزمة

انا على يقين ان المخرج المتاح اليوم هو عبر قوى التغيير ، لقد أُنهكت القوة القديمة بتراكم فشلها و أصبح هذا الثقل يعيق حركتها و يحبسها في أدواتها القديمة ، دوما ما أكرر ان الاسئلة الجديدة تلزمها اجابات جديدة ، شكرًا لكل المتداخلين و ما سهل الحوار اننا كلنا ننطلق من هم و وجع واحد ... و دام نضال جماهير شعبنا .. المجد لشهداءنا منذ معركة الامام في الجزيرة أباً الى الى آخر شهيد سفكت دمه سلطة الخراب...


No comments:

Post a Comment