Monday 4 February 2013

قوانين الأخلاق...ضمور القلب السليم

"إلا من أتى الله بقلب سليم"
وغيرها من ايات القران وأحاديث السنة التي تشير إلى أن الشرائع ما وضعت والعبادات ما فصّلت إلا لأمر واحد...أن يبلغ القلب رشده.
ولعل هذا ما فات على الدكتور الترابي (وخلفه) وهو يؤسس لدولة المؤمنين "الراشدة"، والتي ظن أنه بوسعه أن يسلم قاطنيها يدا بيد إلى باب الجنة ..ديليفري يعني! فغرز في عظم الدولة المؤمنة "الراشدة" قوانين مراقبة الأخلاق،قوانين منع الرذيلة قبل وقوعها،القوانين التي تحول بين المرء وقلبه!.. فمن ناحية هذه القوانين لا تستقيم إلا على ميكانيزمات كارثية  زي"الشبهة والإشتباه".."الأخذ بالظنة"، "إشاعة الفاحشة بين المؤمنين" ،"منع التوبة".
ومن ناحية أخرى تعمل هذه القوانين على ضمور الضمير، أي لا تتيح له مساحة النمو، فالضمير المحال على الخوف من القانون، هو ضمير محال على الردع فحسب، لا على "مقصد القانون" ، يعني مثلا: قوانين منع البنات من الإنفلات الأخلاقي، بتربي البنات على الخوف من شرطة النظام العام..ما بتربي عندهم "العفة" ..اللي هو مقصد القانون مش؟ والمشكلة في هذا النوع من القوانين إنو ما بيعمل سوى إنو الإنسان يكتشف طرق لتجنب القانون أو يمشي تحت الأرض. دا طبيعي...مش "الغريب" زي ما الناس بتقول..طبيعي في الأنظمة "البوليسية" دينية كانت أو غير دينية أن يتفشي فيها الفساد والرشوة والإنحلال الأخلاقي المجتمعي (أي الإنحلال البيضر المجتمع) .
بيقولو الديمقراطية: هي حكم الشعب الراشد لنفسه بنفسه
وفي نفس ذات الوقت بيقولو: الديمقراطية هي (حق الخطأ)
والحديث: " لو لم تخطئوا وتتوبوا لاستبدلناكم بقوم يخطئون فيتوبون"، مش بس للإستدلال العظيم على رحمة ربنا ومغفرته، مجرد إعادة النظر في الحديث وكلمة "استبدلناكم"..والنظر إلى الفعل المضارع ل "يخطئ" و "يتوب" (والمضارعة هنا تفيد الإستمرارية) يفيد أن هناك كمالات ورشد يتحقق ب"حق الخطأ"
يتفق معظم المجددين في الفكر الإسلامي : أن هناك عهدا أوليا في الإسلام ما عادت تصلح معاييره وضوابطه مع عصرنا الحالي، جميل! تظهر الوكسة عند تعاملهم مع عامل "التأريخية" و"الزمن" في المرجع الإسلامي. كان في محاولات جادة لحل المشكل دا..ومحاولات غير موفقة للأسف هي مرجع الأنظمة الإسلامية الحالية، وهو أن المعايير الاولية هذه "ظرفية" ودي كانت حركة حريفة منهم في الهروب من سؤال (هل النص متزامن ولا سرمدي)..معنى الكلام دا إنو المشرّع ليهو حق إنو يشيل من معايير العهد الأول وينزلها قسرا في الزمن المعاصر لتقديره أنه الظرف حكم..والظرف لا يمكن أن يحكم! لأنو ببساطة الزمن ما بيرجع لورا لنقطة سابقة. فالحركة "الحريفة" للتزويغ من سؤال الزمن في النص ليهو توابع "كارثية" لما ينزل على أرض الواقع.
لكن لعل المحك هو السؤال الذي يجب أن يوجة لدعاة الدولة الرسالية...الدولة الدينية.. إنتو عاوزين شنو؟ مجتمع الواحد فيهو يخاف ربنا ؟ مش؟ ربنا ولا القانون ؟ عشان هي بتفرق
لكن..
كديه تخيل ابنك الصغير أو ابنتك الصغيرة... تخيلها في أول خطواتها...حيكون في تسنيد كتير من ضهرها من يدينها، حتحاول تحمي راسها ، حتحاول تخفف من وقعاتها...هل بتقدر تقول ساعتها إنو مشت ؟ لا لسة
حيكون في منع ..حيكون في ردع...ولدك حيمشي على الكهربا حتجرو غصبا عنو..حيكون عاوز ينط من السلم ما حتخليهو حتى لو بكى...هل بتقدر ساعتها تقول إنو مشى؟ لأ لسة
لما تقعد ورا وتعاين لطفلك بيخطو أول خطوات مهزوزة...أول خطوات ملعبكة...وتشوفو وهو بيقع وما تلحقو... تشجعو من بعيدلأنك واثق إنو حيقوم تاني..ويقع تاني..تحذرو وتكورك ليهو من بعيد..ويفهم براهو ليه هو وقع فيقوم تاني ويعمل حسابو..ساعتها تقدر تقول طفلي بيمشي..ليه؟ لأنك خليتو يمشي....طيب لو فضلت مسندو طول عمرك..حتقدر تقول إنو مشى؟
شفت المرحلة الأولى من مشي ابنك؟ او مشي بنتك؟ المنع والردع والتسنيد في كل خطوة؟ ممكن نقول دي دولة الإسلام في أول عهدها... "قالت الأعراب امنا..قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا..ولما يدخل الإيمان قلوبكم!!" أها؟! ...يعني المحك هنا "القلب"..القلب لسة كان بيتعلم المشي...لسة لم يبلغ الرشد
طب دولة القلب الراشد؟ هل نقدر نفك التسنيدة؟ لازم نفك التسنيدة...لازم عشان القلب يمشي لأنو دا المراد...الله قال عاوز القلب السليم.
أنا متفهمة تماما لخوف المسلمين جدا على سلوك غيرهم المسلمين...أنا عارفة كان ليهم مراد يوصلو المسلم دا لحدي باب الجنة ويسلموهو لله يدا بيد!!! للأسف دفيرك لأخيك المسلم لن يوصله إلى باب الجنة..لازم تزح يدك ويخطو أول خطواته براهو.
طب بالنسبة لدولة المؤمنين في عهدها التاني الإحنا مطالبين نمشي ليهو...هل دايرين ندي ناسها فرصة إنو قلبهم يمشي (في زول ضامن قلبو حيمشي وين)؟ إنو يكون عندو حق يقرب من حتة الخطأ؟ هل دايرين كدا؟  ..ولا على كيفك يا سيد...ولا على كيفك يا أخت.....دا مراد الله....إلا من أتى الله بقلب سليم
بالنسبة ل"خطر" التنصير.... سيبك من إنو في ناس بتغري ناس بالقروش عشان يسيبو دينهم وبيستغلو في الضائقة الإقتصادية...مش هم ديل ذات الناس الربوا في العشرين سنة الفاتت في دولة الإسلام...الله؟ مش هم ذات الناس البتحفظوهم في المدارس الأولية فوق طاقة استيعابهم ايات الذكر الحكيم؟ مش هم ديل البيقروا في القران ايات من يستبدل دينو بعرض من الدنيا؟ هم زاتهم؟ عشرين سنة والدين محاوطهم من فوقهم وبجنبهم وبين ايديهم ومن خلفهم...ولسة بنقول "خطر التنصير"...
لكن بنقول خطر التنصير...عارفين ليه؟ طفلك..قلبك ...فضل متسند لحدي ما كرعينو رخرخت وبقا ما عارف يمشي
 فكو السنادات...خلي القلب يمشي...كورك من بعيد...شجع...بس خلي القلب يمشي
ما هي الإحراجة الصحي لما الواحد يقيف قدام ربنا ويطلع شهادة حسن سير وسلوك من الدولة وربنا يقول ليهو: "إلا من أتى الله بقلب سليم"
 
 
 
 


3 comments:

  1. يقول الاخوان المسلمين "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن". يعني فرض تصوراتهم هم للحياة مما جميعه. عسكرة بالتجييش الفعلي وعسكرة ايديولوجية على صراط تصوراتهم الاحادية، وعسكرة بالقوانين وحراسها من عساكر ومليشيات الشرطة وامن المجتمع وفرق "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". لاقامةواستدامة دولة من هذا النوع، لا مناص من فرض الاوامر والنواهي على المجتمع بوسائل تمكينية مختلفة تفضلتي بشرحها، من مناهج المدارس الى "الزي" المناسب للمرأة، الى آخر مظاهر التحكم والتمكين لوجهة النظر الاحادية المفردة المطلقة التي لا تقبل المناهضة او المراجعة او الالغاء باعتبارها تنزيل لقيم سرمدية وامثولات لا تاريخية. بورك قلمك يا بنتي ميسون.

    ReplyDelete