Monday 8 August 2016

عدالة الضحية- عدالة الناجي

أنظر التعاريف أسفل المقال
رابط المحاضرة باللغة الإنجليزية أسفل المقالة
الترجمة مني (بتصرف) وكذلك العنوان، فالعنوان الأصلي للمحاضرة هو (مفهوم العدالة في مواجهة العنف السياسي)
المحاضرة تم تقديمها في مايو ٢٠١٦ بجامعة سسيكس بالمملكة المتحدة في مركز أبحاث النزاعات والأمن 



             عدالة الضحية... عدالة الناجي
(من محاضرة لمحمود ممداني)

        حدث تغير جذري منذ النصف قرن الماضي في تصورنا للعدالة. ففي فترة الحرب الباردة  كانت العدالة هي العدالة الإجتماعية . أما بعد الحرب الباردة فالمفهوم العام المُتَبنّى للعدالة تَغَيّر ، وأصبحت العدالة هي العدالة الجنائية. ولكل مدرسة عدالة كتابات وأدبيات متعلقة بها.

فعندما يتعلق الأمر بمفهوم العدالة ك العدالة الإجتماعية، فإنها تستقي أدبياتها من عهد الثورات . تحديدا الثورة الروسية والصينية .
عندما نأتي لمفهوم العدالة ك العدالة الجنائية ، فهذه الوجهة متجذرة في سياق تاريخي آخر، وهو مفهوم نحتته أحداث الهولوكوست (المحرقة اليهودية) ومحاكمات نيورمبيرغ التاريخية. 

في كلا الحالتين، فإن أدبيات العدالة تُرَكِّز على مفهوم "الغياب" . فإنها تخبرنا بالقليل جدا عن ما حدث لتحدثنا عن ما لم يحدث. فمن جهة نجد أن لغة الأدبيات ماركسية وتركز على (الفشل) في إحداث ثورة اجتماعية. وتباكي اليسار على غياب العدالة الإجتماعية في إفريقيا ما بعد الإستقلال. لعل أبلغ تلخيص لهذه الأدبيات هو مجموعة كتابات الكندي جون سول. 
سول تَجَوّل من بلد إلى آخر ، من تنزانيا إلى موزمبيق إلى أنقولا ونامبيبيا ثم جنوب إفريقيا . ليكتب عن الشيء ذاته: الخيانة. الثورة التي لم تتحقق. 

أما في الحالة الثانية فالأدبيات هي نيوليبرالية و تُرَكِّز على غياب آخر، وهو (غياب سلطة القانون). اليمين النيوليبرالي يتبنّى مفهوما فردانيا للخطأ وبالتالي مفهوم فردانيا للصواب. ويؤمن بضرورة معاقبة الخطأ ولو ب"رطل من اللحم" إذا اقتضى الأمر، أو العين بالعين . ففي الدعوة للعدالة هناك افتراض أن العدالة هي العدالة الجنائية. 

أريد أن أقترح علينا أن ننتقل من التركيز على (ما لم يحدث) لنحاول أن نفهم (ما قد حدث). وأريد أن أقترح ضلعا ثالثا في طريقتنا لتصور العدالة. ألا وهي العدالة السياسية. 

سأركز على جنوب إفريقيا. ففي جنوب افريقيا، لم يكن هناك اقتساما للثروة.  تم قلب النظام السياسي بأكمله. كانت هناك اصلاحات جذرية سياسية وقانونية. لكن لم تكن هنالك محاكمات. ولا حتى لقتلة ستيف بيكو! والذين عرفوا بذنبهم المستدعي للمحاكمة. كمل أنه لم يكن هنالك أي نوع من العدالة الإجتماعية بالشيء اليذكر. 

جنوب افريقيا تُمَثِّل وجها آخر للعدالة. ليس هو وجه العدالة الإجتماعية كما عُرِفَت في ثورات القرن العشرين، وليست هي العدالة الجنائية كما عرفت في نيورمبيرغ. ولكنها العدالة السياسية.

ما الذي حدث في جنوب افريقيا؟ وقياسا على ذلك كيف يمكننا فهم معنى الإستقلال في إفريقيا؟ هل كان الإستقلال مجرد كذبة؟ وعدٌ كان عليه أن يتحقق لكنه لم يتحقق؟ شيء تافه الذِّكر؟ كما ترون، إننا بتركيزنا على (ما لم يحدث) نُفَوِّت على أنفسنا فرصة أن نرى ما حدث.

دعوني أضيف تقدِمة أخيرة لهذا الموضوع. إنّ جيلي هو الجيل الأخير الذي نشأ في ظل الإستعمار و هو أول جيل يبلغ سن الرشد في ما الفترة المباشرة التي تلت الإستقلال. كان لدينا منظورين مختلفين لظاهرة "العنف السياسي"، كان هناك منظور اليسار-الذي أنتمي إليه- مَثَّلَهُ لنا (فرانز فانون)، والذي كان يرى أنه الآن- بعد استقلالنا- لم يعد هناك مجالا سوى لنوعين من العنف: عنف الفقراء ضد الأغنياء أي عنف الثورة المدفوعة بمطالب العدالة الإجتماعية ... أو العنف المضاد لهذه المطالب أي العنف المضاد للثورة.
المنظور الثاني يقول أنه ما عاد هناك وجود للعنف السياسي وإنما فقط العنف الإجرامي. فمع الإستقلال أصبحنا في معية الحداثة السياسية الليبرالية. المجموعة التي كانت تحمل هذا المنظور كانت تأمل في أن الإستقلال سيأتي بمجموعة من المستحدثات السياسية مثل الدولة القومية والتي في إطارها تتحقق المساواة السياسية الكونية والمُعَبَّر عنها بالمواطنة الليبرالية وإقتصاد السوق. كان هناك أمل أن هذه المستحدثات السياسية ستُشكِّل إطارَ عملٍ سياسيٍّ فعّال لترسيخ مفهوم الحرية الفردية.

لحظة اليقظة التي فاجأت جيلي كانت مجزرة رواندا، وقد تراءى أمامنا مشهدا قاتما للعنف الضاري الذي لم يكن ثوريا ولا مضادا للثورية. فالفقراء ذبحوا فقراء آخرين، والأثرياء نازعوا أثرياءا آخرين. العنف السياسي المعاصر في إفريقيا -وأيضا في مناطق عدة من العالم- ظل يُعَبِّر عن ذاته بمفاهيم الهوية: القبيلة والدين. 

مجزرة رواندا حدثت في مائة يوم في مستهل عام ١٩٩٤ ، وبالتزامن معها، في ذات الستة أشهر الأولى من نفس العام، كان هناك تحول مدهش يحدث في جنوب أفريقيا، معلنةً عن انتهاء سياسة التفرقة (الأبارتايد) السياسية والقانونية.

اليوم أريد أن أُركِّز على التحول الجنوب افريقي. والسبب في ذلك أنه يبدو أننا نسينا الدروس المستفادة منها ، ولأننا في حاجة ماسة لإستعادة هذه الدروس.

السؤال :كيف بأمكاننا فهم الخطأ الإنساني، وبالتالي فهم الحق الإنساني؟

حركة حقوق الإنسان إستندت إلى محاكمات نيورمبيرغ كمرجع أساسي للإجابة على هذا السؤال. لكن التجربة الأفريقية توفر لنا إجابة ثانية ومغايرة تماما للإجابة الأولى. وأعني بذلك مجموع المفاوضات التي أدت إلى إنهاء التفرقة السياسية والقانونية . هذه المفاوضات المعروفة بإسم الكوديسا.

الفرق بين نيورمبيرغ وكوديسا يَكْمُن في جانبين. ففي حين أن نورمبيرغ عَرَّفَت العدالة بأنها العدالة الجنائية، فإن الكوديسا تَلْفِت نظرنا لنرى العدالة بمعنى آخر، هو العدالة السياسية.

وفي حين أن نيورمبيرغ أضافت فكرة "عدالة الضحية" كمُكمِّل لمفهوم عدالة المنتصر. فإن الكوديسا وضعت مفهوما مغايرا تماما والذي أحب أن اسميه بإسم "عدالة الناجي"

هذان هما الإطاران النظريان محط تركيزي في محاضرة اليوم.

العنف السياسي وعدالة الناجي

سأبدا أولا بمسألة العنف السياسي ثم عدالة الناجي

ما هو الشيء الذي يمايز العنف السياسي عن العنف الإجرامي؟ الفرق الأساسي بينهما نوعي. فالعنف السياسي يتطلب أمرا أكبر من الوسيط الإجرامي، فهي تحتاج إلى مناصرين سياسيين. فإلى جانب اعتمادها على وجود منتهكين فهي تحتاج أيضا إلى داعمين. هذه المناصرة تتماسك تحتشد حول قضايا بعينها . فالفارق يكمن أيضا في أن العنف السياسي مدفوع بقضية. هذا الفرق يتضح بشكل أكبر حين نقارن بين نيورمبرغ والكوديسا.

استحدثت محاكم نيورمبرغ ثلاثة مفاهيم أساسية:
الأول: قامت نيورمبيرغ بالتأكيد على المسئولية الفردية لإنتهاك حقوق الإنسان
ثانيا: القضاة في محاكمات نيورمبيرغ توصلوا أيضا للمسئولية الجنائية لهذه الإنتهاكات
ثالثا: محاكمات نيورمبيرغ رأت نفسها ناطقة بصفة كونية بحيث يمكن للمجتمع الدولي أن "يتجاوز حدود السيادة الوطنية لحماية الأفراد أو لفرض القواعد" وبالتي فقد جعلت هؤلاء الأفراد مسئولون مسئولية مباشرة أمام المجتمع الدولي.

نيورمبيرغ  كانت تعمل أيضا ضمن منطق سياسي متسع تشاركت فيه قوات التحالف المنتصرة. هذا المنطق يقول أنه لا بد من الفصل المادي والفعلي بين المنتصرين والخاسرين، بين الجناة والضحايا ووضعهم في مجتمعين سياسيين منفصلين.
لذا أثناء إعادة رسم  الحدود السياسية بعد الحرب العالمية الثانية تم ترحيل الملايين من البشر عبر الحدود. وبذلك فإن الحلفاء كانوا قد قاموا بأبلغ حالات التصفية العرقية في التاريخ الأوروبي الحديث. فبحلول عام ١٩٥٠، ما بين ١٢-١٩ مليون ألماني فروا أو طردوا من وسط شرق أوروبا. المؤرخون يعتبرون هذه الواقعة هي أضخم عملية ترحيل قسري لشعب في تاريخ أوروبا الحديث. الصليب الأحمر الألماني والوكالات الفيدرالية الألمانية قدّروا حوالي مليونين ومليونين ونصف شخص ماتوا نتيجة لهذه الترحيلات القسرية.

نيورمبورغ هي مثال بليغ لعدالة المنتصر، نموذج مساير لعدالة الضحية.

إن فرضية (عدالة الضحية) جاءت من أنه لن يكون هناك داعي لأن يتعايش المنتصرين والخاسرين سوية بعد النصر. المنتهكون سيمكثون في ألمانيا، والضحايا سينقلون بعيدا إلى وطن آخر. التراكمات التي تلت محاكمة نيورمبيرغ هي التي كوّنت في النهاية دولة إسرائيل. والتي أعتبرت كدولة "الضحايا" . محققةً المنطق المذكور آنفا: ليس على ضحايا ومنتهكي الأمس أن يتعايشوا سويا. بل ستكون هناك دولة منفصلة اسمها إسرائيل للناجين. بل نجد أن أدبيات ما بعد المحرقة اليهودية تلحق صفة "الناجين" كهوية لضحايا الأمس . وذات الحال هو ما حدث في رواندا المعاصرة. ففي كلا الحالتين السلطة كانت تحكم بإسم الضحايا.

دعوني أمايز بين هذا الوضع وبين الكوديسا. أرضية الكوديسا تم التمهيد لها بإتفاق متبادل من الطرفين بأنه لن تكون هناك عدالة مماثلة لعدالة نيورمبيرغ في جنوب افريقيا. والسبب في تكوين هذه المفوضية (الكوديسا) هو سياسي. فالحقيقة الماثلة هو أنه لم يكن هناك احتمال لإنهاء الصراع في أي وقت قريب. وقد تبع ذلك فهم من الطرفين أن الخيار المفضل لكل واحد منهما لم يعد في متناول اليد، لن تكون هناك ثورة غالبة لحركات التحرر ولا إنتصار حاسم لنظام الأبارتايد (بالسوداني مافي خيار الإنتفاضة الشعبية ولا الصيف الحاسم) . إذا كانت جنوب إفريقيا هي النموذج للعديد من الصراعات العصية ، فهي أيضا حجة للإنتقال من الخيار الأفضل نحو الخيار الأفضل التالي. الخيار التالي الأفضل كان هو الإصلاح السياسي. هذا الإتجاه نحو الإصلاح السياسي ، البديل للنصر الكامل، أدى إلى الفهم التالي: أنه اذا ما قمت بوضع قيادات أي الطرفين في موضع الإتهام، لن يكون هنالك حماسة أو دافع للإصلاح.
والنتيجة كانت التحرك من تجريم و شيطنة الآخر إلى معاملته كخصم سياسي.
فالتجريم هو إقصاء من العملية السياسية.  وعدم التجريم هو تضمين لهم في العملية السياسية.

وكانت نتيجة ذلك هو قلب نموذج نيورمبيرغ ومفهوم العدالة الجنائية.

العدالة الجنائية إقصائية. أما العدالة السياسية فتضمينية.

الكوديسا نشأت من تفهم لأن الظروف المتعلقة بنظام الأبارتيد في جنوب أفريقيا هي مختلفة عن تلك التي أدت إلى نيورمبيرغ.
أولها أن نيورمبيرغ تلت نصرا عسكريا، بينما النزاع في جنوب إفريقيا لم يكن قد إنتهى بعد.
ثانيها: أن نيورمبيرغ كانت مدفوعة بمنطق شامل أدى لتسوية ما بعد الحرب العالمية الثانية وهو منطق التطهير العرقي. والذي نادى بالفصل المادي بين ضحايا الأمس ومجرمي الأمس في وعائين سياسيين منفصلين. لكن في جنوب إفريقيا فإنه من المستحيل تكوين اسرائيل أخرى لضحايا الأبارتيد. بل كان واضحا منذ البداية أنه لا بد للضحايا والمجرمين، السود والبيض أن يتعايشوا سويا في بلد واحد.
فبدلا من رَكْن العدالة في المقعد الخلفي. فإن الكوديسا تمنحنا فرصة جديدة لفهم راديكالي للعدالة.تقدم لنا فتحا مزدوجا.
ففي البداية الكوديسا تمايز بين أشكال مختلفة من العدالة: الجنائية، السياسية، والإجتماعية.
ثم هي تضع الأولوية للعدالة السياسية وإصلاح النظام السياسي على أشكال العدالة الأخرى

الفرق بين العدالة السياسية والجنائية هي ذات منحيين
العدالة السياسية تتعلق بمجموعات بينما العدالة الجنائية تستهدف الأفراد
الهدف من العدالة الجنائية هو المعاقبة، بينما هدف العدالة السياسية هو الإصلاح.

هذه النقلة من الجنائية نحو السياسية أدى إلى تجريم طرفي النزاع وفي نفس الوقت منحهما الشرعية.
 تم رفع الحظر عن حركات التحرير في جنوب إفريقيا مثل حزب المؤتمر الإفريقي ،البان افريكان كونغريس والحزب الشيوعي. أما نظام الأبارتيد ممثلا بالحزب الوطني وحتى الشبكة السرية المعروفة بإسم .... لم تعد تعامل كمؤسسات منبوذة من قبل حركات التحرير. فقد تراضوا أن يجلسوا سوية للتحاور.
إن عملية الكوديسا في الشرعنة وإزالة التجريم أدت إلى تحويل الأعداء إلى خصوم سياسيين ، وفي أثناء هذه العملية فإن الكوديسا أيضا غيرت وجهة الهدف. فالهدف لم يعد هو معاقبة واحتجاز المجرمين المواجهين بعدة جرائم، ولكن تغيير قواعد اللعبة لتضمينهم وتضمين مناصريهم في مجتمع سياسي صالح. كان انتقالا ذي أبعاد نموذجية.

فالنموذج تحول من عدالة الضحايا إلى عدالة الناجين. ويتحول مفهوم الناجين ليشمل كل أولئك الذين نجوا من نظام الأبارتيد سواء كانوا من ضحايا الأمس،أو مجرمي الأمس وأيضا منتفعي الأمس والذين نفترض أنهم محايدون أو الشاهدون. كلهم تم معاملتهم كناجين.

كوديسا تم تكوينها في ديسمبر عام ١٩٩١، ولم يكن ذلك دون ثمن مدفوع. وسأتحدث عن هذا الثمن المدفوع بعد قليل.
الكوديسا تم تكوينها عام ١٩٩١ وتفكيكها في مايو ١٩٩٢. بدأت كمبادرة من الحزب الحاكم دون سند شعبي من الناخبين البيض مما أدى إلى فوز الحزب الأبيض المتعصب في انتخابات استثنائية احتجاجا على قيام الكوديسا. بعدها نادى الحزب الوطني بقيام استفتاء للبيض فقط في مارس ١٩٩٢ . واعتبرت الحكومة انتصارها في هذا الإستفتاء كتأييد لها من الناخبين البيض لتواصل مفاوضاتها في الكوديسا لإنهاء الأبارتيد سياسيا.

حزب المؤتمر الافريقي ثارت ثائرته من هذا الإستفتاء الأبيض ورد عليه بتحركات شعبية واسعة في مايو واعتصام شعبي في يونيو والتي أدت إلى عصيان مدني كامل من العمال.

ثم قام بعدها حزب المؤتمر الإفريقي بتهيئة أرضية الحوار بتقديمه عدة تنازلات تاريخية،  والتي عرفت بإسم بنود الغروب والتي اقترحها الأمين العام للحزب الشيوعي جو سلوفو  في مقالة نشرت بصحيفة الحزب " الشيوعي الإفريقي"

بند الغروب شكلت نقطة الإجماع بين قيادات الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي . بنود الغروب نادت بإقتسام السلطة بين الطرفين، لكن الأهم من ذلك نادت للإبقاء على البيروقراطية القديمة وأجهزة أخرى للدولة كالشرطة والجيش وجهاز الأمن . وإضافة إلى ذلك منح العفو العام في مقابل المكاشفة الكاملة من قبل السلطة الحاكمة.

إن حزمة الإصلاحات كان يشوبها التناقض . فهي نادت بإعتماد الديمقراطية السياسية وفي ذات الوقت الإبقاء على بنيات دولة الأبارتيد والعفو العام مقابل المكاشفة الكاملة.

المبادئ الدستورية في الكوديسا تضمنت وثيقة حقوق أساسية  ورد فيها حماية الممتلكات الخاصة كحق إنساني أساسي. ولكن كان هناك أيضا اتفاق على إرجاع الأرض إلى غالبية الشعب ،هذا البند تم تدوينه خارج وثيقة الحقوق الأساسية. فإذا ما حدث نزاع ملكية بين مستوطنين بيض و سكان أصليين سود، فإن الأول يحظى بحماية دستورية بينما يحظى الثاني بمجرد إقرار حق قانوني.

أما على المستوى المحلي ، فإن المصادقة على قانون الحكومات المحلية لعام ١٩٩٣ كان مثيرا للإهتمام تحديدا في بندين بعينهما.
إن انتخابات الحكومات المحلية كانت مصممة بطريقة تمنع السود للحصول على أغلبية الثلثين في محلية حكومية عبر مرجع اجرائي عرف بإسم نظام محدودية الدوائر الإنتخابية.  هذا النظام كان يضمن ٣٠٪ من المقاعد لغير السود في كل محلية. واشترطت أيضاعلى أن مصادقة قرارات المحلية تتم بإجماع كامل، واذا لم يكن هناك اجماع أن تصادق بثلثي العضوية.
وكانت هناك بنود مماثلة لهذه في انتخاب محليات المدن وعند تعيين منتخبين بيض في مناطق  السكن البيضاء بسلطة فيتو ناسخة لقرارات الحكومات المحلية.
هذا فيما يخص الحكومات المحلية. الجانب الثاني المثير للإهتمام فكان يخص سلطة فرض الضرائب حيث وضعت عوائق قانونية عصية التجاوز في وجه أي مشروع حكومي لتوزيع الدخل عبر فرض الضريبة . البند السابع عشر منع الحكومات المحلية الجديدة من فرض ضرائب على مناطق البيض ليستفيدوا منها في تنمية مناطق السود.

لن يكون مبالغا إن قلت أن الكوديسا عززت امتياز الأبيض في الدستور وفي القانون الذي حدد أطر عمل الحكومات المحلية.

ثم نأتي للجنة الحقيقة والمصالحة. تأتي أهمية لجنة الحقيقة والمصالحة في أنها شكلت سياقا مكملا لعمل الكوديسا.
الدستور كان قد فاوض من أجل توكيل الكوديسا للدفاع عن الممتلكات المتراكمة منذ عهد الأبارتيد كحق مقدس ضمن وثيقة الحقوق الأساسية . وفي ذات الوقت فإن السياق شبه الرسمي الذي رسمته لجنة الحقيقة والمصالحة وصفت نظام الأبارتيد لا كنظام عرقي قام بسلب وحرمان غالبية عرقية، ولكن كمجوعة من انتهاكات حقوق إنسان لضحايا أفراد إرتكبها عدد قليل من أفراد مجرمين.

لذلك خرجت لجنة الحقيقة والمصالحة بثلاث نتائج غريبة. المُجلّد الأخير من تقرير اللجنة يحدد قائمة من الأسماء. عشرون ألف اسم تقريبا، هي أسماء ضحايا انتهاكات حقوق إنسان بشعة. لجنة المصالحة حددت العشرون الف هؤلاء فقط وليس الملايين غيرهم من ضحايا القوانين المجحفة والإخلاءات القسرية والسخرة ، هؤلاء العشرون ألف فقط هم المخوّل لهم الحصول على تعويضات من حكومة ما بعد الأبارتيد.

ثانيا قامت اللجنة بعمل جدول زمني لحصر الإنتهاكات بحسب ما هو مفصل في تفويضها. التفويض يبدأ بحصر الانتهاكات بدءا من مجزرة شاربفيل عام ١٩٦٠ وينتهي عند اعلان أول انتخابات ديمقراطية عام ١٩٩٤. عندها اعدت اللجنة قائمة بأسماء المنظمات والأجسام التي قامت بالانتهاكات. وكانت ٤ منظمات رائدة في الانتهاكات. ووفقا للجنة الحقيقة والمصالحة فكانت المنظمة على رأس القائمة هي حزب المحافظين الأبيض. أما حزب الكونقرس الإفريقي فقد احتل المركز الثالث. أما الغريبة فإن أجهزة الأمن والاستخبارات خرجت من قائمة الأربع الأوائل ووردت في موقع متأخر . الشرطة الجنوب افريقية جاءت في المركز الثاني وقوات الدفاع الجنوب افريقية جاءت في المركز الرابع.

السؤال المطروح هنا، هل إنتصر المستفيدون من نظام الأبارتيد وحققوا في طاولة المفاوضات ما لم يستطيعوا تحقيقه بواسطة منتهكيكهم على أرض المعركة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فما هي الظروف السياسية التي سمحت بتحقيق هذا النصر؟

أريد أن أشير إلى الأرضية التي أُستُهِلّ عليها هذا  التحول السياسي الإنتقالي ، وهو أنه لم تكن هناك ثورة في جنوب إفريقيا. ولماذا لا بد للعدالة الإجتماعية من عملية سياسية تالية للفترة الإنتقالية تؤدي إلى حشد أغلبية مؤثرة خلف مطالب العدالة الإجتماعية. والآن دعوني أجيب على سؤالي السابق..

وفي ظل هذه الظروف المقيّدة للتحول كان هناك تطوّر آخر. فبينما كوديسا حققت العدالة السياسية للغالبية العرقية إلا أنها شكلت تراجعا لأي عملية لتحقيق العدالة الإجتماعية. إنها لم تتجاهلها فحسب بل أرجعتها إلى الوراء.

الوضع السياسي الذي تسبب في حدوث ذلك التراجع تم عبر زلزلة جناحي الحركة المناهضة للأبارتيد. بتعزيز قيادة الأبارتيد المنفية وتهميش قياداتها الداخلية. اتفاق الحد الأدنى الذي رسمه حزب المؤتمر الإفريقي و الحزب الوطني أثناء مفاوضاتهما أنهك وباعد في العلاقات بين العضوية الخارجية والداخلية في الحركة المناهضة للأبارتيد.

فبتهميش قوى المعارضة الداخلية فإن اتفاق الحد الأدني قام أيضا بتهميش أجندتهم لتحقيق العدالة الإجتماعية.

الذي حدث هو عملية "إغلاق مزدوج"، دستوري وأيضا سردي، وكان ذلك ناتجا عن التحالف السياسي  بين قوى الإصلاح  داخل الحزب الحاكم والجناح المنفيّ من حزب المؤتمر الإفريقي. وهو التحالف الذي سارع بتحقيق الفترة الإنتقالية لما بعد الأبارتيد.
الخلفية السردية التي رسمتها لجنة الحقيقة والمصالحة كانت لها آثار سياسية، فبسبب تركيز لجنة الحقيقة والمصالحةعلى المنتهكين وتغييبها للضحايا وللمستفيدين من سياسات الدولة القمعية كالقوانين التعسفية السابقة والترحيل القسري، فقد جعلت غالبية بيض جنوب افريقيا يخرجون من هذه التجربة وهم يشعرون وكأنهم لم يكن لهم دور في الأبارتيد وانتهاكاتها. لم يتعلموا أي شيء جديد من التجربة.
كان البديل المثالي هو أن تقوم لجنة الحقيقة والمصالحة بتثقيف وتوعية الجنوب إفريقيين البيض أنه مهما كانت آراءهم السياسية، سواء كانت مع أو ضد الأبارتيد أو محايدين، سواء كانوا بعيدين عن فعائلها أو قريبين، أنهم كانوا جميعا مستفيدين من وجودها ، حين ينعكس ذلك على مناطقهم السكنية، الوظائف التي يعملون بها، المدارس التي يرتادونها، الضرائب التي كانوا يدفعونها أو يتفادونها والعمالة الرخيصة التي كانوا يستفيدون منها أو لا يستفيدون.  
إن تثقيف الجنوب إفريقيين العاديين من البيض والسود عن انعكاسات الأبارتيد في الحياة اليومية وتأثيراتها على فرص وظروف حياة أجيال من الجنوب إفريقيين، كان بإمكانه أن يلخص لهم درسا هاما وهو أن العدالة السياسية التي قامت بإنهاء الأبارتيد السياسي والقانوني لا يمكنها التماسك بغياب العدالة الإجتماعية.

في النهاية قامت لجنة الحقيقة والمصالحة بتجاهل الأبارتيد المعاش والذي كان من شأنه أن يفسر التجربة المعاشة للغالبية العظمى من الجنوب إفريقيين ومنحهم الكرامة.

في النهاية لجنة الحقيقة والمصالحة همشت العنف اليومي الواضح للأبارتيد، العنف الذي استهدف مجموعات بأكملها والذي كان محوريا لكي ما تحقق الأبارتيد أجندتها السياسية. وذلك لأن لجنة الحقيقة والمصالحة عَرَّفَت العنف بأنه فعل إجرامي وليس فعل سياسي. فعل يقوم به مجموعة من المنتهكين وليس مجموعة من المستفيدين. كفعل يستهدف ضحايا برسمهم وإسمهم وليس مجموعات بأكملها . ركزت على مفهوم العنف كحدث استثنائي لا كممارسة اعتيادية. وبذا قلصت المسئولية الإجرامية حصرا على أفراد منفذين، فسرتها بأنها أفعال تجاوزت الأوامر السياسية، أفعال كانت لتسمى بجرائم تحت قانون الأبارتيد. وبفعلها هذا فإن لجنة الحقيقة والمصالحة قامت بالممايزة بين عنف دولة الأبارتيد بقوانينها المجازة وسلبها القسري  وبين العنف المفرط لعملائها.
ولأنها فعلت ذلك فإنها لم تستطع حتى أن تحقق ما حققته نيورمبيرغ وهو أن تجمع سجلا شاملا للفظائع التي ارتكبتها دولة الأبارتيد. لذا علينا أن نرى لجنة الحقيقة والمصالحة كمجرد محكمة خاصة ضمن إطار قانون الأبارتيد.

بوسع المرء أن يستقي دروس عدة من هذا المثال الإفريقي وسأوجز مقالتي هنا،
هناك خيار العملية الجنائية سواء في نموذجه الشكلي ممثلا بلجنة الحقيقة والمصالحة أو في نموذجه الصلب ممثلا بالمحكمة الجنائية الدولية  أو خيار عملية سياسية ممثلة بالكوديسا.
لكي نصنع نموذجا من هذا الخيار علينا أن نضع التجربة الجنوب إفريقية الإنتقالية في إطار نظري ونضعها في سياق إفريقي موسع. علينا أن ننظر لقصص النجاح التي قامت بإيقاف حرب أهلية ، مهما كانت هذه الوقفة مضطربة. أنا هنا أتحدث عن حالة يوغندا ، ونهاية عهد الأبارتيد وأيضا نهاية الحرب الأهلية في موزمبيق وحتى في بوروندي . معظمها حالات غير مستقرة. وكلها تحققت قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية .
في كل هذه الحالات كان التركيز على النجاة لا على الضحايا . ومن وجهة النظر هذه فإن الناجي ليس هو الضحية التي نجت، بل كل الناجين من الحرب الأهلية، سواء كان ضحية أو منتهك أو مجرد متفرج.
الطريق إلى الأمام ليس مرهونا بعدالة الضحية بل بمفهوم أشمل هو عدالة الناجي.

أريد أن أنهي حديثي بموعظة لحركات حقوق الإنسان المعاصرة. إن منطق نيورمبيرغ خرج من حالة الحرب بين دولتين وانتهى بإنتصار جانب على آخر. أن منطق المحاكمة هو منطق (المجموع الصفري أي صفر في طرف = واحد في طرف اخر). فإما أنك بريء أو مذنب. إن منطق كهذا يضر في سياق الحرب الأهلية. فالضحايا والمنتهكين في الحروب الأهلية كثيرا ما يتبادلون المواقع في دوائر عنف مستمرة. لا أحد هو بريء براءة تامة ولا أحد مذنب إذنابا تام. كل طرف لديه رواية يكون فيها ضحية.

عدالة الضحية هو الوجه الآخر من عدالة المنتصر، كلاهما يشيطن الطرف الآخر، ويقصيه من المشاركة في الوضع السياسي الجديد.
الحرب الأهلية قد تنتهي إما بمفاوضات لوحدة جديدة أو لإنفصال بين دولتين. ومنطق نيورمبيرغ يدفع بطرفي الحرب الأهلية نحو طلاق سياسي ، والفصل بين ضحايا الأمس ومنتهكي الأمس في مجتمعين سياسين منفصلين.

إن منطق نيورمبيرغ هو منطق متفشي وسط حركات حقوق الإنسان المعاصرة ، حيث يقولون بتأييدهم لعدالة الضحية لكن دون أن يتفهموا شرطه الأساسي وهو النصر العسكري وعدالة المنتصر.

مجموعات حقوق الإنسان تبحث عن الفظائع التي بوسعهم أن يحمّلوا أفرادا مسئوليتها الجنائية. ولطريقة عملهم هذه مصطلح هو : التسمية والإدانة. ولطريقة عملهم هذه خطوات نموذجية ثابتة: اولا قم بوضع تصنيف للفظائع، قم بتعيين الضحايا وتعيين المنتهكين، سمي المنتهكين بإسمهم ثم أدنهم ونادي بأن يتحملوا المسئولية الجنائية.
إن خطأ التركيز على المنتهكين يعمل على تفكيك القضايا. فقط إقرأ التقارير الميدانية لمجموعات الإغاثة الدولية وستجد أنه بإستثناء صفحة أو صفحتين في المقدمة عن السياق التاريخي فإن صفحات التقرير الباقية تركز على التسمية والإدانة. بل في هذه الحالات فإن السياق يعتبر إلهاءا لتحقيق كونية حقوق الإنسان.

إن جعل العنف فردانيا عبر تسمية المنتهكين والضحايا يتطلب إقتطاع حدث من السياق التاريخي للعنف الدوري والمقنن.
وإن الوقائع المترتبة على ذلك هي كالاتي:
أولا : العنف المقنن كالعمالة القسرية أو سلب المجموعات كما حدث في الدولة الكولونيالية برواندا ونظام الأبارتيد بجنوب إفريقيا يقع خارج حدود هذا النوع من العدالة.
ثانيا: العنف الدوري كتاريخ المذابح والمجازر في رواندا وبوروندي من عام ١٩٥٩ وما تلاها إيضا تقع خارج حدود منطق العدالة في هذا النموذج. واذا ما تم ذكرها فيكون ذلك كخلفية سياقية وليس كسببية بنيوية.
إن العنف السياسي نادرا ما يكون مبنيا على حدث مفصول بعينه، فإنه في العادة جزء من دورة عنف متجددة. إن هذه الحقيقة تبدو غامضة ومجردة عند تغييبنا للسياق التاريخي.

فكلما قمت بتهميش السياق كلما قمت بحصر أسباب العنف إما في السايكلوجية الفردية للمنتهك أو في ثقافة مجموعة من المنتهكين. إن محاولة رسم المنتهك كأنه القوة الدافعة للعنف يؤدي إلى تجميد هوية الطرفين، المنتهك والضحية، وافتراض أن المنتهك هو دائما المنتهك والضحية هي دوما الضحية. والنتيجة هي مبالغة وشيطنة عمالة المنتهك و التقليل من والتجاوز عن عمالة الضحية .
وكلما نزعنا السياسية عن مفهومنا للعنف كلما نحونا أكثر لجعل العنف غاية في ذاته. وبدلا من كونه مجرد مشكلة يصبح العنف هو الحل أيضا.
كثير منا يقع في الظن أن الغاء المنتهك سيحل المشكلة و بذلك بدلا من إيجاد مخرج من المعضلة، ينزلق بنا العنف نحو متاهة كبرى.  فهو يغذي دورة العنف .

أنا أدعوكم اليوم للإنتقال من سياق الضحية نحو سياق الناجي. فإن سياق الناجي لا يرتكز على المنتهك بل على القضية، والفظائع تصبح جزءا من سياق تاريخي ، لا ينطر إليها كمجرد أحداث مبتورة ولكن كجزء من دورة عنف متجددة. وتعترف بأن الضحية والمنتهك قد تبادلوا المواقع كثيرا وأنه لا يمكن وضع واحد منهما في هوية دامغة كضحية أو منتهك.

النتيجة هو نزع شيطنة وبالتالي أنسنة المنتهك . وأنا أيضا أنادي اليوم لأن نضع أولوية على العدالة السياسية بدلا من العدالة الجنائية. فالإصلاح السياسي يستهدف مجموعات بأكملها وليس أفرادا منفصلين ، وغايته ليس المعاقبة بل تغيير القواعد ، ليس تكوين دولة بل إصلاح دولة. وهي تدير ظهرها لفكرة الإنتقام فهي تتيح الفرصة لبناء مجتمعات جديدة من الناجين. وبالتركيز على خلق صلة لنظام سياسي شامل وسيادة قانون كلية فهي بذا تنادي بالتأمل مليا في العلاقة بين السياسة والقانون.
دعونا نتذكر، انه برغم جوانب قصورها، فإن غاية الكوديسا لم تكن الإنتقام للأموات بل لمنح الأحياء فرصة جديدة

شكرا.

 فهرست:
-نيورمبيرغ: سلسلة المحاكمات التي تمت بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وحاكموا فيها عدة أفراد وقيادات من الحزب النازي والجيش الألماني 

- العدالة الاجتماعية: تركز بشكل أساسي على إزالة الفوارق الإقتصادية بين الطبقات وكل ما يتعلق بها (صحة، تعليم، معاش..الخ)

-العدالة الجنائية: هي العدالة التي نعرفها في شكلها الإجرائي من محاكم وإدانة وتبرئة وضبط  وعقوبة وحقوق ..الخ


كونية: حيثما ترد كلمة كونية فهي تشير لمعني متبناة أو مفهومة من البشر بغض النظر عن اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومللهم، مثلا: حقيقة كونية


رابط المحاضرة الأصلية



عن المحاضر: 
محمود ممداني هو محلل سياسي وأكاديمي يوغندي ولد عام ١٩٤٦ وهو ابن جيل ثالث لمستوطنين هنود في يوغندا. تخرج من جامعة بيتسبيرغ في الولايات المتحدة الأمريكية وحاصل على دكتوراة من جامعة هارفارد وكان عنوان رسالته (السياسة والتكوين الطبقي في يوغندا) 
عمل محاضرا بجامعة ماكريري بيوغندا وجامعة دار السلام بتنزانيا وجامعة كيب تاون بجنوب إفريقيا، كما ترأس مجلس تطوير الدراسات الإجتماعية في إفريقيا CODESRIA ويعمل محاضرا بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية
ظهرت له عدة مقالات بالصحف والمجلات كما له عدة كتب منها كتاب (المنقذون والناجون: دارفور، السياسة والحرب على الإرهاب)

1 comment:

  1. اسهام عظيم جاء فى وقته للنظر للأزمة السودانية بمفهوم جديد لقضية العدالة ، خاصة وان خارطة الطريق قد بدأت تخطو على اثرالكوديسا تحت قيادة ثامبو امبيكى احد الفاعلين فيها

    ReplyDelete