Monday 2 February 2015

صورة المثقف الذي تحب- عمر عشاري

(المقال دا كان مفروض يكون مهدى اليه في يوم زواجه لكن القلم ليهو رافع)
في مرة استمعت للفنان الكابلي في محاضرة له للجالية السودانية بالامارات، يرجع فيها مصدر "مثقف" الى التهذيب من "ثقف السيف اي هذبه وشذبه" ، الى جانب ما قد يتراءى لكم من صورة الانسان المدنقر راسو وبيقول لو سمحت / شكرا/ من فضلك ويحمل منديلا مطويا في جيبه. فيمكننا القول بأن المثقف هو من قرأ وسمع ورأى ما يكفيه لأن يجد عذرا لفجاجات البشر، فيحسن وضع نفسه مكان الاخرين، من لا يكتفي بظاهر الاشياء بل ينظر الي مكامنها ومنابعها من يحمل ميزانه اكثر من كفة.
وازيد بما عرفته عن هذا الشاب، فهو الذي لا يمسك طرفا من جواب الا وحمل معه طرفا من سؤال، ولا تخدعنك علامة الاستفهام التي تعلو جبينه على الداوم، فكنانته مليئة ب" لعل" و"اغلب الظن" و"ربما" وهي ما يبتدر بها اجاباته. فالجزم عنده اغلاق باب، وهو يحب ان يترك باب الاجابة عنده مواربا للاحتمال والمحال (المحال في ظن العوام وليس في ظن من تدبر صروف الحياة وعرف ان المحال ممكن)-كذا هوالمثقف الذي تحب
هو الذي يحسن النفاذ في ما قد تكلس بتكاثر الرأي والتداول والمناولة حوله، كتلك المشاهدات التي سجلها ابان انفصال جنوب السودان: قعدنا نشجب أو ندين أو نحلل أو نراقب ونقارن ونتداول كاريكاتيرات الحزن والعار، بينما حزم هو حقيبة السؤال، وركب الطائرة واتجه الى جوبا فنقل تلك  المشاهدات الحية والمشاعر المختلطة بدءا من المسافرين العائدين، للمستقبلين في المطارات للمحتفلين في الطرقات للونسات الجانبية التي تستشرف المستقبل المجهول – (ده واحد من اجمل بوستات سودانيز اون لاين )- بالمناسبة هو ما صحفي، وقد حسدته جنس حسادة على قدرته على مطاردة السؤال ، البركة العاد منها سالما غانما.
وصلة البوست المعنون ب"جوبا ززكنت قريبا منها وغريبا عنها" http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=print&board=340&msg=1309450317&rn=

وانا لا أبالي لأستذة يوليني اياها، او حرص له على تقصي رأيي، نحن برضو شقينا المقابر والاضرحة و سير الصالحين  وقرأنا :كان ذو السر يتخفى بالتتلمذ كي لا يكشف سره. فاااا شنو؟ الحركات دي ما بتمشي فينا. اذ اني اذكر قبل اثني عشر عاما في حرم جامعة الخرطوم  أحد أهم الأحداث في حياتي، والتي انسب لها النقلة الهامة اليها حولتني الى انسانة ما بيض– والحمدلله زي ما هو واضح لي انا ما بيض!  رغم اني قرررربت  لولا رحمة ربي وما فتح الله به على ولدنا عمر عشاري أحمد ضمن اخرين
المكان: نجيلة كلية القانون المطلة على شارع المين
 الزمان : 2003 وقد حمي الوطيس لانتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم المعطل لما يقارب العشرة اعوام ( دفع يا ولداه دخلت وتخرجت دون ان تبصر اتحادا)
الحال: الحق بين والباطل بين، الحق طبعا كان قائمة التنظيمات الوطنية  (تجمع+ حزب امة+ فكة) والظلم طبعا (الكيزان وما تشابه علينا) – يعني الحال واضح، هل في كلام ممكن ينقال؟ يا ابيض يا أسود
والحال على ما قد وصفت، كذا كان سيتشكل الوعي الذي كنت سأتخارج به من سنتي الأخيرة في الجامعة، لا حولاا ربك لطف لكن، كنت هسي حكون نوع الناس المهللون لكل تحالف وطني عريض والمستبشرون لكل تداعي كيزاني. انعقدت سلسلة من اركان النقاش في نجيلة قانون اعدادا للانتخابات، مررت عليها ظانة انها كمثل غيرها من الأركان التي كانت تؤطر لفكرة ان المشكل هو الكيزان والحل هو "تحالف القوى الوطنية". كان يتوسطها عمر عشاري بأناقته التي تعرفون (بالمناسبة نفس القشّيطة الياها من ايام الجامعة) ، ثم ارهفت وسمعت العجب، كانت سلسلة من المحاضرات المصغرة المنادية للمشاركة في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم بغض النظر عن المصوت له ، كانت تتحدث ان النصر لأي الطرفين لن يغطي على فضيحة ضعف المشاركة في العملية الانتخابية ( جدير بالذكر انه كانت قد فشلت اكثر من دورة انتخابية في جامعة الخرطوم بسبب عدم اكتمال النصاب) خاصة بالنسبة لنا كطلبة جامعيين والمثال المحتذى في دول عالمنا "الثالث" و"النامي"، وان حق الاقتراع و فهم فكرة التفويض –كما سيتاح لي لأن اعرف لاحقا- هي احدى العقبات الأساسية التي تواجه افريقيا الأمس واليوم. وقتها كنت اظن حقا ان الديمقراطية معلقة بطرف ثوب تنظيمك المفضل في أدنى حالاته أو بطرف جلباب تحالف المعارضة العريض في أفضل حالاته، لا أنها نظم ومبادئ واسلوب حياة الخ – يومها حينما كان يحتفل الطلاب بنجاح قائمة التنظيمات الوطنية ، كانت كلية قانون بكافة تياراتها تحتفل بنسبة تصوبت مائة بالمائة، كان ذلك الحدث محوريا في حياتي، كان فاتحة اطلاعي فيما بعد على نعوم تشومسكي و برتراند راسل و ارونداتي روي وجملة الاولياء الصالحين.

تصادف ان عمر يعمل بقسم المسئولية الاجتماعية المؤسسية بدال- اقول تصادف لانه كل ما فعلته انها وضعت بعض صفات الرجل في اطار، لكن بالنسبة لنا الذين عاصرنا طالب كلية القانون فإننا نذكر سبقه الهادئ والمتعقل في كل مواقع "المسئولية" التي تتمناها لنفسك، سواء كان ذلك مطالبة بحق، او نصرة مظلوم، او جبر خواطر- بكامل اناقته التي تحير (هو ونادرين رغيم- انتو بتجو قاشرين للوقفات الاحتجاجية ليه؟مش تعملو حساب المطرة؟ J )  
وفي يوم الجمعة ستقام ندوة يديرها عمر عشاري حول "الفكاهة في اطار التنوع" في منتدى دال ، وكعادة الحوار الذي يبدو انه انقسم بين ادانة فرق الكوميديا التي اشتهرت بالنكات التي تعمد الى تنميط الأعراق والقبائل والنساء والقول بأنها تؤجج لنيران التفرقة وبين تبرئة هذه الفرق كونها جزء من واقع معاش فهي لم تبتدع بدعة العنصرية والشوفينية الذكورية. ارى انه كعادة النقاشات التي يكون عمر عشاري داعيا لها وجزءا منها، أن الأمر سيخرج من هذه القطبية والثنائية المحصورة في التبرئة والادانة، وانها ستتفرع للحديث عن الفن وعن التشابكات الثقافية/ الاجتماعية/ الثقافية والسياسية. اننا سنترك الباب مواربا للاحتمال والممكن .




لحوظة: ليس للمقال علاقة بحملة مقاطعة الانتخابات الرئاسية الحالية- الحرص واجب برضو من الناس القدرتهم التحليلية عالية شديد

No comments:

Post a Comment