Wednesday 25 January 2012

مممم...يعني برضو ما في حاجة اسمها جهاز أمن


عنوان المقال يستلهم مقولة هنري ثورو
"إن قانونا ليس بعادل...لبس قانونا" ، وأنا هنا أتحدث عن قانون الأمن الوطني 2010 والذي بموجبه يتكون جهاز الأمن الحالي
القانون محير حقا، شرعت أصحح في مقالي السابق تفسيري الخاطئ لبعض النصوص القانونية ، لقانون الأمن الوطني 2010... إلا أن هذا البحث قادني نحو دروب الحيرة واللبس أكثر... وهذا أمر فادح، إذ أن القوانين تشرع أصلا لإزالة اللبس، ورفع الحيرة..لكن ماذا نقول في حال البلاد.
إلي مكامن اللبس...
محكمة جهاز الأمن:
بحسب قانون الأمن الوطني 2010 فقد تم تغيير الإسم من قوات الأمن الوطني إلى جهاز الأمن الوطني ، ويبدو أنه تغيير صوري لا أكثر. إذا هي قوات عسكرية أو ذات طبيعة عسكرية ، وفي هذه الحالة تكون شكل المحاكمات العسكرية فيه مقبولة، إذ أن الخروقات من قبل أفرادها في هذه الحالة تعد خروقات للوائح الخدمة تماما كما في الجيش وكذلك في قانون الشرطة السودانية الحالي لدينا للعام 2008.
الشرطة السودانية ايضا أصبحت تحمل الصفة العسكرية وذلك منذ الغاء تبعيتها للخدمة المدنية واصدار قانون قوات الشرطة السودانية في عهد نميري.
إذا حتى الان أجهزة انفاذ القانون على المدنيين كلها تحمل طابعا عسكريا، بعكس توجه كل الدول الديمقراطية في العالم، حيث الاتجاه الان نحو "تمدين" هذه الأجهزة أكثر. لكن طبيعي أن يحدث هذا السودان، فعسكرة أجهزة الدولة هو سمة الدول الضعيفة وغير المستقرة.
لكن دعوني أن أصب تركيزي على جهاز الأمن الوطني الذي حدود سلطته الداخلية هي على المدنيين في المقام الأول. هذه من الف باءات الدولة...لا تسليط للجهاز عسكري على المدنيين إلا في حالات الطوارئ (كالكوارث الطبيعية أو الاعتداء الخارجي) ومعلوم أن قانون الطوارئ تم الغاؤه.لا بد أن نخرج جهاز الأمن في صفته العسكرية ، فكما منحناه سلطة مطلقة في انفاذ القانون بدعوى حماية المدنيين (اعتقال دون توجيه تهم، مصادرة رأي عام، استخدام قوة)  لا بد كذلك أن نوفر للمدني (المحمي بالقانون) سبل الحماية من سوء استخدام هذه السلطة. ولا يوجد حتى الان في قانون الأمن الوطني أي ضمانات وقاية من سوء استخدام القوة سوى (حسن النية وسلامة الحس الوطني !!) .
أي "جرائم" يتسبب بها ضابط الأمن هي ليست فقط خرق للوائح والنظم بل هي أيضا جرائم في الحق المدني ، أوافق تماما على عقوبات مخالفة اللوائح على ضابط الأمن ، إلا أن هذا لا يوفي بحق المدني ، فلا بد أن يقدم الضابط للمحاكمة في محكمة مدنية، لا بد أن يجرد من كل حصانة تمنعه من المثول أمام المحكمة المدنية.
كما أجد أن أمر منح سلطة تنفيذية حق الحكم بانهاء حياة انسان أو حبسه أمر مقلق جدا وخطير، هذا بالنسبة لمحاكمة ضباط جهاز الأمن (وضباط الشرطة كذلك في ما يعرف بمحكمة الشرطة وهذا كله جزء من عسكرة الخدمة المدنية)


المادة 52 أو مادة: لا تعتبر جريمة:
وجدت أن هذا النص موجود كما هي في قانون الشرطة السودانية 2008 ، سوى أن هذه المادة في قانون الشرطة محكومة بقانون الإجراءات الجنائية... ولكن حتى هذا لا يكفي للشرطة ، فالدول التي تعلي من شأن القانون، تضع حق استخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة تحت المراجعة والمتابعة الدائمة. مثلا في قوانين الشرطة لمعظم الدول استخدام الشرطة للقوة المعقولة يكون فقط أثناء الاعتقال و عند تعرض اخر لللإيذاء والخطر.
بالنسبة لجهاز الأمن فهذه المادة محكومة بقانون الأمن ذات نفسه (وتوجد جملة أو أي قانون أخر ساري المفعول التي أضيفت عرضا) عدنا مرة أخرى إلى فكرة القانون المغلق. فحقيقة لا يوجد قانون يمكن لجهاز الأمن أن يرجع إليه أو أن يستخدمه كمرجعية، فهو غير مرتبط بأي من الأجهزة العدلية الأخرى في الدولة...لا توجد مرجعية لقانون الأمن الوطني سوى في نص الدستور الذي يحدد تبعيته واختصاصه.
هل مادة قانون الأمن بشكلها المبهم هذا، تبيح استخدام القوة المفرطة  أثناء التحقيق مع المشتبه (إذ لا متهم في جهاز الأمن حقيقة...ليس ذلك من سلطات جهاز الأمن فهو جهة تحقيق)


بالنسبة لمقالي السابق...أتركه كما هو...يبدو أن اللبس ليس مني ...بل من هذا القانون الأخرق المبهم!!!




3 comments:

  1. تحياتى استاذة ميسون ، وجعتنى والله حكاية قضاء الشرطة اصبح مؤسسة معتبرة ، رغم انو معتبرة دى فضفاضة شوية لكن هنالك قضايا انتهك فيها القانون بشكل سافر وتصدى لها ضباط من داخل هذه المؤسسة المعتبرة ذهب بعضهم الى الشارع وبقيت تلك القضايا معلقة وهذا القول صادر عن تجربة شخصية يعنى معتبرة دى ختيها بين قوسين عشان تبقى مهضومة شوية لأن قضاء الشرطة ولهذا الوقت الحالى لم يحرك اى اجراء فى تلك القضايا المعلقة ، مع اكيد تقديرى

    ReplyDelete
  2. خذفتها كلو كلو...كلامك فعلا صحيح. ربما قصدت مؤسسة قديمة... وإنه على الأقل يتم تأهيل القضاة فيه قانونيا. كلامك صحيح وتقبل اعتذاري... وأنا أكرر دائما أنني من الجيل الذي نشأ في عهد الإنقاذ فحتى مفهوم العدل والقانون في وعينا غائب
    !!
    خالص التحايا
    ولعلك تربطني بأي كتابات صدرت في انتقاد محاكم الشرطة
    ميسون

    ReplyDelete
  3. اشكرك على هذه السماحة واعتزر لك عن اى انفلات فى تعليقى السابق ولا يخفى عليك انه بعض من وجع قديم ، تقبلى تحياتى وشكرى وتقديرى

    ReplyDelete