Wednesday 8 February 2012

ليلى


للكاتب طلال عفيفي**


كان إسمها ليلى

عشقتها بصبابة ألف رجل 
ولسبع سنوات كان وجهها يحل علي كما الرحمة
 في البدء كان ضربا من الهوى العادي الذي تحول إلى وله 
كانت تطل عليً من صوت فيروز وبسمة سعاد حسني ومن دروب الشوارع القاهرية في وسط البلد 
 تعلقت أحلامي بجسمها الأسمر وشعرها المفكوك ( او المعمول كحكه )كانت ليلى أطول مشاويري، وسيرتها ، كانت ، أحب سيرة إلى الروح

وينضح عن جسدها رائحة لم تغادرني
 صوتها حين تغني لبلابه تتسلق روحي فترمي بخواتيم الأغاني في القلب
 أبحرت في دمي جنوباً بمراكبها ، سكنتني كما لم يسكنني أحد
لا أعرف  من أين جاءت البنت بكل هذا السحر... مذ أول يوم ، أدمنتها
صرت ألملم رمل خطوها من على الطريق ، وأحن إليها. أحببتها بعزم وقوة و...قلة حيلة
حضورها البهي كلفني عمري ، تضيع كل ملامحي ورجولاتي أمامها وأتحول لولد صغير يتعلق بفساتينها الهندية الساتان
كلما التقيتها فتنتني أكثر،وسحبتني تجاهها أكثر،إذ كان في أنوثتها دربة وحصافه،أنوثة عالية ومجيدة ترهق القلب

كانت ليلى بنتاً على مقاس قلب شاعر صغير : جسد مطلي بالكاكاو ، وجه نوبي ، شعر تفرقت خصله بين القبائل ، وضحكه تصفق لها الملائكه والعشرة المقربون . . كذا كان بالبنت ولعٌ بالغناء وحب للكتابه وقلب متحوف بالهزائم الخفيفة

مصريه، من المنصورة ...وفي معمارها الجسدي أسانيد جنوبية ، وفي روحها توقيت يحن إلى بحر الشمال
   أحببت ليلى  والكتابة عن ليلى والمشي مع ليلى
وكنت حين اشوفها ينفرط عقدي ويسيب جسمي 
تسألني ليلى : ساكت ليه يا ولد ؟
فأرد : انتي عارفه يا لولو لمن بشوفك بتخطف وما بعرفش أتكلم
قتقول لي : ما هو ده الحب يا حمار، ثم تمسح على رأسي وتغني لي أغنيه منومة
أنتظرتها كثيراً عند ميدان "طلعت حرب"،على طرف بسمة "عم مدبولي"وهويراقب مشهدنا اليومي

دائماً  تأتي من ناحية " جروبي " وتعتذر عن التأخير ،رغم علمها أني إنتظرتها العمر كله
 باذخا كان حضورها  و مشحوناً،إذ تأتي -ليلى - في كامل نضرتها وسمرتها وأغانيها ، على كتفها حقيبه من جلد وفي قدمها سوار من فضة ..  تتبعها الرياحين
حين نمشي سوياً ، كانت ليلى تبعثر على المشوار ثرثرة ونكات 
( وكنت أضحك بقلب العاشق )

تسألني عن الكتب التي قرأتها وتغني في همس حالما أبدأ الحديث
!! 



عدت للقاهرة
وكان أول خبر تلقاني : وفاة سندريلا الشاشه العربية ، سعاد حسني 
كنت في حزن لا راد له
طرق الباب
 ولما  فتحت كانت ليلى ، في بنطال من القماش الأبيض و فانلةٍ حمراء، بقبعةٍ على الرأس وضفائر مسدلة على الجانبين لحظتها ماعرفت من فقدت ومن جاء
 أغابت سعاد أم حضرت ليلى ؟
 كان يتدلى عن أذنيها قرطان على شكل هلال أهديتهما لها في ليلة بعيدة قبل موت سعاد
 إستقبلت ليلى - ليلتها - وكأنها آخر ما تبقى في صحراء الدنيا
 ليلى ، بنت أصغت لها كل حواسي وتنبه إليها جسدي


الآن يا ليلى! توحشيني كما لم تفعلي من قبل ، وتسكنيني كما لم تفعلي من قبل.. الآن تعبرني الصور والأحداث والتفاصيل و أتذكر الكثير و أفتقد الكثير

منذ ذلك المساء :مساء 1998على مشارف ميدان طلعت حرب القاهري ،ونوفمبر يبوح الى المدينه بمطر خفيف،منذ ذلك المساء تسرب إلي من تجاهك شيء غامض وعجيب وله رائحه في الروح
كنت أجدني متلبساً، فرحاً بقدومك أو رؤياك صدفة في مكان أو رصيف وكانت تأخذني قدماي إلى حيث أعرف أنك ستكونين،شارع شريف عند مقر فرقة " الورشه " ،"بيت الهراوي" خلف الجامع الأزهر ..و تعزفين عن مجالس الأصدقاء وليالي الخمر

كان حضورك غزيرا.. كأنك سندريلا بجد!!! الآن أذكر وجهك
جميل بهي، ينضح بلهجة مصريه فصيحة
ويلمع في عينيك حزن خفيف

 وبرغم تجوالي المفرط في بلاد الله وبقدر ما رأيت من سحن ووجوه لم يلقني كذلك اللون الذي يرتاح على جسدك الأحلى ... تلك السمرة الخفيفة الملاوعة ، سمرة تلاغي الضوء وتناوشه
كنت أتابعك وأتتبعك بشغف ، عرفت الوله
عشت بعدها سنين أصابني فيها الكثير وأصبت فيها الكثير ، وكان حظي لا يفارقني فتسير الأحداث كما أحب ، تغيرت الدنيا وتحولت. إختفى من الساحه ناس وإحتل الساحة آخرون
سكنت هنا وهناك . وترنحت بين بلدين
كان وجهك هو ظلي الذي يتبعني في كل مكان ، وكان عشقك وحده يتراكم
 عشقك تميمتي


مرت أعوام  منذ تلك الوهله التي خطفتني فيها عيونك في غفله من الدنيا
منذ أسرتني وشدتني إليك بهذه الصورة العجيبة والملحة يا ليلى

وددت  أن أحكي لك حكاية متماسكه عن الحب والغرام الذي يعتريني ،سوى أني كعادة العاشقين تهت
وضيعت مفاتيحي
أذكر كيف أقف مشدوهاً أمامك ،تبارك الله!هذه العيون الحية ! وجهك وجسدك ذلك الساحر
  صوتك يأتي بروحي من طراطيفها .. أحب صوت إلي في هذه الدنيا!! أفكارك المبعثرة وكلماتك وقصصك المليئة بتفاصيل التفاصيل ،خواتمك ، أقراطك،قلاداتك ،ألوان ملابسك ...    
وقعت في غرام كل ما يتعلق بك ويتدلى عنك يا صبية



سوى انها الدنيا وتصاريفها.... يا ليلى



1 comment:

  1. طلال بتسمع صوتو في الكتابة كانو بيحكي ليك في اذنك

    ReplyDelete