Saturday 28 May 2016

بالنسبة لبكرا... شو؟ الجزء ٢- الجامعة

١- كونفيتي الثورة:


ابان أحداث سبتمبر ٢٠١٣ ،كان الأمر في غاية السهولة. اشتريت باكيتة ورق A4 ملون- موجود في اي مكتبة . وكان لدي ملف وورد في الكمبيوتر، مقسمة فيه الورقة إلى ١٨ مربع. في كل مربع كتب مقطع شعري ثوري مؤثر. (للأسف تخونني الذاكرة الآن) لكننا استعنا (أنا وصديقتان) بمحجوب شريف، هاشم صديق، حميد، القدال، اسماعيل حسن ، عاطف خيري.
طبعنا ورقة واحدة بيضاء، ثم ذهبنا لمحل تصوير وصورناها على الورق الملون.
رجعنا إلى بيوتنا، قمنا بتقطيع الورق إلى ١٨ مربع وطبقناها إلى مثلثات (قضينا ليلة فيها). كانت المحصلة من هذه الباكتة شنطة سفرية مليئة بكونفيتي الثورة. كانت لدي صور لهذه المثلثات للأسف لم أعثر عليها ، لعل الصديقتان لديهما نسخة منها.
الخطة كانت أن تنثر هذه الأوراق بشكل احتفالي في مكان مؤثر. اختلفنا في المكان المؤثر وفي خطة نثر الورق بحيث يخرج الناثر آمنا بعد أن ينثر الورق. أيام المواصلات كانت في السوق العربي كانت خطة الاسقاط من على رأس برج البركة أو ما جاورها.
فلسفة هذا العمل؟
بعد كل مظاهرة، تحرص شرطة الشغب على ترك مخلفاتها القمعية ملقاة على الطرقات. اسطوانات بمبان، رصاص مطاطي، سفنجات ملقاة هنا وهناك. رائحة نفاذة.(ومؤخرا ألوان أصباغ). فتمر بهذه المشاهد معبأ بالغضب ثم بالقهر.
بلغة المسلسلات السورية "يعلّمون علينا". فكانت الفكرة أن "نعلّم عليهم أيضا" فكرة الكونفيتي الملقاة على الأرض ثم مشهد النظام وهي تحاول ازالة اثار المعلم هو مشهد للمقاومة. 
بالطبع اذا أردنا تكرار التجربة لن نكتب شعر. اكرر. لن نكتب شعر. لكن ربما أسماء شهداء المقاومة. تواريخ ميلادهم أماكن اغتيالهم واستشهادهم. في الخرطوم في نيالا في جامعة الجزيرة في هيبان. نعم هيبان. او اي شيء آخر يعلم
والتعليمات كثيرة. لا بد من القول كتابات الحائط في بلد ثقافيا يستخدم الحائط كدفتر كتابة: حضرنا ولم نجدكم. فلان يحب فلانة. ممنوع البول. يا إنتي يا أغرق... خاصة بخط كتابي غير ملفت ما عنده معنى. لولا انه الناس صورت الحيطان دي ما كنا عرفنا زاتو انو في كتابة حائط. اذا لازم تعمل قرافيتي. اعمل قرافيتي. قرافيتي قرافيتي. صعب الإزالة. صعب المحو من الذاكرة. أعمل قرافيتي عكليت.

وأساليب التعليم كثيرة. ثوب أبيض مكتوب فيه لن ننسى هيبان يتدلى ذات عصرية من كوبري توتي. أو أي مكان اخر.

٢- المظاهرة:
هناك اعتقاد أن الوسيلة هي في نقاء المبدأ. ماذا أقصد بذلك. ايام ما كنت طالبة في الجامعة، كانت هناك معركة السكن الجامعي وأيضا عودة الإتحاد. وبعد كل مخاطبة كانت هناك دعوة للتظاهر إلى مكتب المدير أو في شارع الجامعة. وكان يرد كل تساؤل لي ب"ليه نمرق مظاهرة" بنطيطة عيون تتهمني بالتشكيك في القضية. "ليه مظاهرة؟ ليه أنا؟ ليه إنت؟ ليه الوجود أصلا". المظاهرة ليست في نقاء المبدأ. هي وسيلة تفصفص وتناقش وترد وتستحدث.
اثر خبر بيع الجامعة. كان هناك تحمسا من تجمعات الخريجين. ظننت اثرها أنه سيكون هناك اعتصام جلوس. او ما يسميه الخواجات sit in . أجيال مختلفة من جيل أبوي وخيلاني وجيلنا والعشرة دفع خريجين التي تلتني مع طلاب جامعة الخرطوم (يا له من مشهد). لم يحدث ذلك. وما مشكلة . معليش. 
المرة الجاية

٣- بيع الجامعة:
كتبت عن بيع الجامعة وحاولت ربطها مع قضية رفع الدولة يدها عن التعليم بشكل عام. حاولت ربط هذه القضية الآنية مع قضايا أخرى منتشرة على طول وعرض القطر. مدارس تباع، مدرسون تؤكل مواهيهم ويشردون،  رسوم مدرسية، انهيار كامل في بنى التعليم. لكن كان هناك اصرار على نقاء القضية. بل وفي بعض الناس زعل من ربط الجامعة بالمؤسسات التعليمية الأخرى. ذلك أن جامعة الخرطوم ليست "مجرد" مؤسسة تعليمية، بل هي أيضا تاريخ وهي أيضا قلعة صمود ونضال، وأيضا ليس الغرض مادي وتافه كرفع اليد عن الصرف على التعليم. بل هو غرض ملحمي. استهداف الحركة الطلابية. استهداف المقاومة. 
اوكيه. لكن كما يقول عنوان هذه التدوينة (وبكرا؟) 
نحن نتعامل مع الفعل السياسي بفكرة الكانون. نعم الكانون الواحد دا. تظل تولع تولع وتأمل أن تمسك جمرة ثم توقد باقي الجمر. 
فعل المقاومة كله عندنا أمل في لحظة "المسك دي" . لذا ما إن نرى صور مقاومة حتى تجدنا (انا زاتي والله) ننفخ هوف هوف هوف. على أمل أن تمسك
كان أملي من توسيع القضية، هي توسيع قاعدة التضامن. حتى ما إذا قام النظام بطريقته الماكرة في تثبيط المقاومة (كأن ينشر تكذيب لبيع الجامعة) أو إغلاق الجامعة أو فصل "المشاغبين". يجد أن القضية أكبر وأنه مواجه بأسئلة أوسع وتحالف أعرض.
(هنا أحيي لجنة المعلمين المناهضة للإستقطاعات على بيانهم القصير التضامني)

٤- أطلقوا سراح:
البعض يقول الناس من : لا لبيع الجامعة. اصبحوا في : اطلقوا سراح فلان .
وما البأس في ذلك؟ لا بأس.
لكن الأجدى. وقد قلت ذلك مرارا وتكرارا. حتى والله بقت بايخة مني. 
لا نضع نفسنا في موقع الرفض بل ننتقل إلى خارطة الهجوم (وكانت هناك محاولة ضئيلة بالتذكير بقانون الأمن الوطني)

شوف أصلو جهاز الأمن سيحتجز هؤلاء الشباب ثم يطلق سراحهم عندما يستنفذ غرض و "قدرة" الاحتجاز. اذ أن هناك قدرة احتجاز مرهونة بمكانة المحتجز وأعني بالمكانة (الوضع الاجتماعي، القبلي، الطبقي الخ الخ. والحاجات دي معروفة ما نخجل منها وننفيها بالنكران)

كونوا تطلق حملة شرسة ضد احتجاز واعتقال جهاز الأمن العبثي نهائي ما بيصرف النظر عن حملات اطلاق السراح. بل على العكس تماما. قد يقي "المعتقل المجهول" الذي صرنا نرسل له التحايا في الفيسبوك!
لمرة ضع جهاز الأمن في خانة الدفاع.

عاااااارفة ماذا ستقولون، ما الفائدة. تظنين جهاز الأمن سيشتغل بحملة ضد قانونه. بحملة تؤكد على "لا شرعيته". لن أجاوب مباشرة  سوى مبدأ ظل يجرني دائما إلى حقل العمل العام رغم اليأس الذي يعتريني ، هو أنه علينا دائما أن نفكر أن ١٠٪ من فعل المقاومة الحالي لا بد أن يكون لمخاطبة الواقع الحاضر، ٩٠٪ منه للأجيال القادمة. أن ترسخ إرث راااافض لتسلط الأجهزة التنفيذية عبر أذرعها الأمنية. على الجانب الآخر حملة "اطلق سراح" لا ترسخ بنفس القدر

٥-التسمية والعار: او كما يقول الخواجات: نيم اند شيم
لماذا حتى يومنا هذا نقول مدير الجامعة، وعميد الطلاب. 
لا... للتاريخ وللزمان تذكر الأسماء كاملة. حتى لا يرتبط الظلم بالمنصب. بل يرتبط بصاحب الإسم. كي يظل يحمل المسئولية التاريخية تجاه أفعاله.


٦-الهاش تاق:
كان لدي اعتراض على هاشتاق #الاـالجميلة و شعار الجامعة خط أحمر. وقد كانت هناك ردودا موضوعية على هذا الجدل الذي صدر مني ومن الكثيرين غيري، وكانت هناك ايضا ردودا غير موضوعية .
لكن ليس هنا المحك. المحك أنه كان هناك جدل!!! فهمتموني. الهاشتاق لا يجب أن يعبر عن نزعات وعواطف جياشة تخص مجموعة. الهاشتاق دائما نختاره بحيث يكون واضحا ومفهوما بمجرد وجوده. هذا الوقت الذي استهلك في الدفاع عن الهاشتاق أكل من زمن القضية الأساسية، وأسقط أناس عن عربة المقاومة.
الهاشتاق ليس في نقاء المبدأ. الهاشتاق وسيلة. لذا نفكر فيها.

٧-كوم الشهداء كبير:
لا نستصغره بالحسرات. في الحقيقة هذه الملحوظة أيضا لي.
كثيرا ما تأخذنا الحسرة في وصف الشهداء أنه صغير ، يافع، بدري عليه، يا ريته كان واحد من المخضرمين (دي اضافة مني مافي زول قال كدا) و يا ريت الذي حصل ما كان. وهذا حاصل والله. الشهداء والمعتقلون في ريعان شبابهم . لكن هم الذين دقوا صدورهم بالخروج، هم الذين حملوا مشعل القضية. هم اليوم وغدا قادتنا، واذا لم نقدمهم عبر نضالاتهم كقياداتنا، فمتى اذا؟
كوم الشهدا وكوم المعتقلين كبير، فلتكن تعليقاتنا ممجدة لتضحياتهم ونضالاتهم مقدمة لهم في الصفوف . وهذا من شأنه أيضا ان يؤكد على جدية ونضج الفعل. وضح يا هل ترى؟

٨-التضامن غير المحلي:
ألوم نفسي . وسأعكف بإذن الله إن لم يعكف غيري على ترجمة شهادات المعتقلين. شهادة محمد صلاح هذه لماذا لم تترجم إلى الإنجليزية. فيديو تناقل بهذه السرعة وبين ناس كثيرون لماذا لم توضع له سبتايتل بالعربية والإنجليزية. هنا لا بد للمرء أن يحيي قناة عاين. قناة عاين تترجم كل مقاطعها على اليوتيوب
(أقصد هنا بالترجمة: السب تايتلنق.)
الترجمة والهشتقة تتيح فرص لتعاون عالمي أوسع. هناك مجموعات شبابية كثيرة تعمل في مجالات مناهضة الاعتقال التعسفي والتعذيب

٩- سو لي دا ري تي :
ولاء صلاح أخت بدرالدين صلاح وهو أحد المعتقلين في أحداث الجامعة. ظلت عين على أخيها وعين على ما يحدث في اعتقال تعسفي للناشطين المصريين. وكذا اخوانها وزملائها من شباب الناشطين الذين تربطهم علاقة بحركات المقاومة في مصر. لماذا لا تحيي حملة جامعة الخرطوم الناشطون المناهضون لتعسف الأمن المصري. حيوا محمد ناجي، أطفال الشوارع، سناء يوسف وكذا
لماذا لا نحيي وقفات الطلاب في جنوب افريقيا ضد الفساد
لماذا لا نسجل صوتنا مناهضة ضد عنف الشرطة في كينيا
كما قلت ١٠٪ من عملنا لمخاطبة الحاضر، ٩٠٪ للأجيال من بعد.
اهااا.. هنا عندما تكون في حملة ضد قانون الأمن الوطني. وضد تسلط الأجهزة التنفيذية عبر اذرعها الأمنية دي حملة طويلة وتستطيع مخاطبة قضايا مختلفة في بلاد مختلفة.

تقولون هذا شر للقضية؟ لا نشرها. هي ذاتها قولة اطلق سراح لكن بطرق شتى. وضح؟


١٠- البوسترات:
الإخراج السيء وحشك البوستر بالمكرر (والبديع لا غرو لكنه مكرر) يأخد من عاطفة التضامن وأخير عدمها. هذه الأشياء لا تستهيفوها وفكروا فيها وتدارسوها. البوستر حسن الإخراج مهم
أما بعد؟
افتكر تتحول الحملة بشراسة نحو قانون الأمن الوطني.
مع ترجمة شرسة لشهادات المعتقلين (قصة غصب المعتقلين على شراب البنزين هذه مقلقة جدا)




No comments:

Post a Comment