Monday 11 April 2016

بعد الجامعة "آشك"

"آشْكْ" هو الصوت الذي يصدره بعضنا في التعبير عن اختفاء الشيء دفعة واحدة. وكأنه بفعل السحر

بإختصار ولن آخذ من زمنكم كثيرا

في الحقيقة منذ خبر نقل جامعة الخرطوم الى منطقة في سوبا وكنت اتوقع وأرى رأي العيان القروبات التي سأضاف إليها والمشحونة بالعاطفة الحارة والصادقة تجاه الجامعة. عاطفة الحنين للأمكنة والأحداث واسترجاع لتاريخ المقاومة الطلابية القديم، عاطفية التعلق بالرمز الوطني الذي يعرفه القاصي والداني في السودان 

وأنا أيضا عاطفية في كل ما أكتب عنه واذهب إليه، لذا كتبت وقتها في استيتس شخصي أنني أفتقر لتلك الحميمية التي تجعلني أكترث عاطفيا بالحملة. لكن حقيقة لقد غيرت رأيي

في البدء اعترضت على جملة " الجامعة خط أحمر" قبالة كل الخطوط الحمراء التي دهسها النظام الإنقاذي الحالي. لكن مع تدقيق النظر. فإن في نقل الجامعة أمر خطير وخط أحمر يداس فعلا 

فللنظام يدان تطوقان بها على عنق المواطن: اليد اليمنى يد الحرب والسلطة الأمنية ، واليد الثانية: هي يد سياسة التخلي والنفض الإقتصادي- بمعنى سعي النظام منذ بداية وجوده في يونيو ٨٩ من التحلل من أي نفقات ينفقها على الدولة وعلى المواطن- البايخ دا.

هناك شوكات حوت تقف في حنك هذا النظام وقد نجح في التحلل منها ، مشروع الجزيرة، المستشفيات الحكومية (والتي هي مرادف للصرف على الصحة العامة لأنو ما عندنا صحة عامة غيرها نصرف عليها-اللهم الا حملات التطعيم القومية)، وأخيرا التعليم


حسب ظني الفكرة عبقرية وشريرة. 

اذا رفعت الحكومة يدها عن جامعة الخرطوم. ف ياتو مؤسسة تعليمية من بعدها تستطيع أن تقول بغم؟ لو حقق النظام هذا، فلن ترى اي مؤسسة تعليمية منذ اليوم لا قرشا أحمر ولا أبيض. لا مدرسة ولا جامعة ولا دكاترة ولا معلمين ولا عمال. لا جامعة الجزيرة ولا أمدرمان ولا السودان ولا بحري (جوبا سابقا) ولا الجامعات الولائية. هذه الجامعة التي يتزايد طلابها بمتوالية عددية كل عام.

سيكون من الصعب على الحكومة خصخصة الجامعة في مبانيها التاريخية. هذه المباني التي تسرد تاريخا قديما كانت فيه الجامعة تحت جناح ورعاية الجهاز التنفيذي المباشر ويفرد لها حصة من ميزانية الدولة. كييييف ياخ، مدير جامعة الخرطوم بيعين بواسطة الرئيس شخصيا!! 

لكن اقوم انقل الجامعة إلى سوبا في مباني جديدة من الطوب الأبيض والزجاج الأزرق.  ثم ستدع الحكومة الامر يخمر لمدة سنة، سنة ونص ثم ستقول مثلا: أيلولة الجامعة لولاية الخرطوم (أي ان على الولاية تدبر امر مصاريف الجامعة لا الحكومة)، سنة اخرى و ستبتدع ولاية الخرطوم شي تسميه : إدارة الشراكة الذكية. بين الجامعة وبين مستثمر ما. بعدها لن تضطر الحكومة لإدعاء اي أمر اخر. 

بعدها سنرى شراكات ذكية في كل مرفق تعليمي عام

والحقيقة أن الحكومة شرعت في سياسة تقليل الصرف والتخلي مع جامعة الخرطوم "بالتدريج الميت" منذ زمن، بدءا من "القبول الخاص" و"الدبلومات"، تهالك الداخليات واخلائها ، مرورا بالإستغناء عن خدمات (كبار الاساتذة) والاكتفاء معهم بعقود المشاهرة ، اضافة الى كورسات معاهد الدراسات العليا الخاصة، وبيع بعض مرافق الجامعة. وتأخرها في دفع مرتبات العمال (تذكرون اضراب نقابة جامعة الخرطوم -وهي نقابة حكومية ضمن قانون نقابة المنشأة وهي ذات النقابة التي ضربت بها الحكومة نقابة اساتذة جامعة الخرطوم- بسبب عدم دفع المرتبات).

 كل ذلك كان اجراءا ميتا.

ليس ضروري ان تبيع الحكومة مباني جامعة الخرطوم الحالية ولا اراضيها. ممكن تخليها كدا. سنة ، سنتين، تلاتة، اربعة ، خمسة، عشرة، عشرين. لكنها سترتاح من مصاريف جامعة الخرطوم (وبالتالي اي مؤسسة تعليمية اخرى) في التو والحال.  

ال ١٨٪ التي تدفعها الحكومة المركزية تجاه المؤسسات التعليمية الولائية (مدارس، جامعات، مرتبات) سترتاح منها وستكون في ذمة الولاة الذين إن لم يوفوا بمستحقات التعليم فمسئؤلون -أمام الله- كما قال سيادة الريس عمر البشير.


ال ١٦٪من الصرف الحكومي على التعليم و ٣ ٪ من قيمة الناتج القومي. "آشك" -ناس الحكومة ارتاحوا

طلاب الخرطوم الآن خرجوا ضد نقل مبانيهم اليوم وخصختها في الغد، لكن الحق اقول على طلاب واساتذة جامعة الجزيرة والسودان والاسلامية وبحري وسنار والفاشر والدويم وغيرهم أن يتحسسوا مقاعدهم 

طلاب المدارس الحكومية في الخرطوم والولايات أيضا، قدر الفي دا تاني مافي

العمال ، بعد الخصخصة سيكون هناك تقليص للعمالة، وتعاقد بشروط أكثر اجحافا، وربما عمالة مؤقتة. فتحسسوا

بعدها ستتفرغ الحكومة للصرف على نفسها وعلى "صيفها الساخن" في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق التي اصطلينا منها منذ ثلاثة عشر سنة

ولن تبخل بعد اليوم على جهازها الأمني. الذي لن تطلقه على النشطاء، بل على المعترضين على نزع الأراضي، والزعلانين من انقطاع المياة، والبرمجة غير المبرمجة للكهرباء، والجوعى، والمرضى.  


جامعة الخرطوم هي  ثور الأبيض في مراح ثيران الحكومة البيض. إن أُكِل....كملن لحيماتنا الفضلن.







1 comment:

  1. تحياتي ميسون كالعهد بك رائعا دوما /ان جامعة الخرطوم ليست مجرد جامعة بل هي القلب الذي ضخ في شرايين الشعب السودني دماء الحرية والعلم والثقافة لقد اضحى هذا الصرح رمزا لكل معاني الوطنية يستلهم منها الشعب السوداني جميعه تلك المعاني
    لك التحية ولاسرتك

    ReplyDelete