Thursday 26 November 2015

هل ينبسط الخروف بعيد الضحية؟

في الحقيقة دي مقاربة للعنوان الحقيقي للخطاب الطريف جدا القدمته ارونداتي روي واسمه:
"هل يبنسط الديك الرومي بعيد الشكر؟" 

وقد رأيت ان محاولة ترجمتي له هنا مناسبة مع صور اوباما "الكيوت" وهو-حسب التقاليد الرئاسية- يعفي ديك رومي من الذبح في يوم عيد الشكر




ارونداتي روي في بورتو اليقرا- البرازيل في منتدى الإجتماعي العالمي مع نعوم تشومسكي ٢٠٠٣

ارونداتي روي


روحي يا شيخة وانتي حلوة كدا -اضافة من المترجم 

(للناطقين بالإنجليزية تجدون مقتطف الخطاب في هذا اللينك)






هل ينبسط الديك الرومي بعيد الشكر؟

تماما كالامبريالية القديمة تعتمد الامبريالية الجديدة في انتصارها على شبكة من العملاء، نخبة وطنية فاسدة لخدمتها. لكن بعكس الامبريالية القديمة، لا تحتاج النسخة الجديدة منها للمجازفة في احراش المناطق الحارة وتعريض نفسها للملاريا أو الاسهال او موت الفجاءة. بوسع الامبريالية الجديدة ان تنجز أعمالها عبر الايميل.

عنصرية الامبريالية القديمة الفجة والمباشرة اصبحت موضة قديمة، اليوم حجر الأساس للامبريالية الجديدة هي العنصرية الجديدة. 

إن التقليد الرئاسي لإعفاء الديك الرومي من الذبح في عيد الشكر هو استعارة مناسبة لما اقصده بالعنصرية الجديدة. ففي كل عام منذ عام 1947 ، يقدم اتحاد الديك الرومي الفيدرالي ديكا لرئيس الولايات المتحدة الامريكية بمناسبة عيد الشكر، وفي كل عام يقام حفل مراسيمي فخيم، يقوم فيه الرئيس بالعفو عن الديك الرومي، ثم يتوجه لحفل العشاء ليأكل ديك روميا آخر. 

بعد انتهاء المراسيم، يُرسَل الديك المختار إلى حديقة (طاسة القلي) في فيرجينا ليعيش حياته في سلام. بقية الخمسين مليون ديك الذين يتم تسمينهم كل عام لاحتفالات عيد الشكر تذبح وتؤكل في يوم عيد الشكر. 

شركة (كورن-اقرا) وهي الشركة التي فازت بتعاقد الديك الرئاسي صرحت أنها تقوم بتدريب الديك ليكون اجتماعيا، وودودا مع المسئولين ومع اطفال المدارس الزائرين والإعلام (ولعلهم قريبا يتحدثون الإنجليزية!)

هكذا تعمل العنصرية الجديدة في عصر المؤسسات الذي نعيشه. مجموعة من الديكة الرومية المُسَمَّنة والمُختارة برعاية، نخبة وطنية من عدة دول ، صفوة من المهاجرين الأثرياء، اصحاب بنوك الإستثمارية، نسخة هنا من كولن باول، او هناك من كوندوليزا رايس، بعض المطربين والكتاب (مثلي)، هؤلاء يتم العفو عنهم والسماح لهم بدخول حديقة (طاسة القلي) . اما الملايين الباقية تفقد وظائفها، يتم طردهم من منازلهم، يتم قطع خدمة الكهرباء والمياه عنهم ويموتون بالإيدز، بإختصار : هؤلاء للسلخانة.

ولكن الاف الديكة المحظوظين في حديقة طاسة القلي بخير، بعضهم حتى يعمل في صندوق النقد الدولي أو منظمة التجارة العالمية ، فكيف بوسعنا أن نتهم هذه المنظمات أنها متعنصرة ضد الديكة؟ بعضهم يعملون في مجلس إدارة اختيار الديكة. كيف بوسعنا أن نقول أن الديكة ضد احتفال عيد الشكر؟ وهم يشاركون فيه. كيف بوسعنا ان نقول أن الفقراء ضد سياسات العولمة الإستثمارية؟ هناك تدافع مهول للدخول إلى حديقة طاسة القلي. فماذا إن مات بعضهم دهسا في طريقهم إليها؟ 

وضمن باقة العنصرية الجديدة، نحصل أيضا على الإبادة الجماعية الجديدة. 

الإبادة الجماعية الجديدة في عصر الترابط الإقتصادي العالمي الجديد يمكن انجازه عبر سياسة الحظر الإقتصادي. الإبادة الجماعية الجديدة تعني : خلق أوضاع  معينة تؤدي إلى الموت الجماعي دون الحاجة لأن تقتل الناس بيدك. 

دينيس هاليداي، منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية للعراق في عامي ١٩٩٧ و١٩٩٨(أو برنامج النفط مقابل الغذاء) والتي استقال فيها من منصبه متقززا، استخدم كلمة "الإبادة الجماعية" لوصف الحظر الإقتصادي على العراق . ففي العراق، تفوقت هذه الحظورات الإقتصادية على جرائم صدام حسين بعد أن تسببت في مقتل نصف مليون طفل .

في عصر الإمبريالة الجديد، الأبارتايد (أو سياسة الفصل العنصري) اصبحت تعتبر سياسة قديمة وغير ضرورية، الوكالات والقنوات العالمية للتجارة والمال تُشرِف على نظام معقد من اتفاقيات التجارة الدولية والعقودات المالية التي تحرص على ابقاء الفقراء في عشوائياتهم . غرض هذه القنوات الأساسي هو: موسسية الظلم وتقنين عدم المساواة. 

وإلا فلماذا تقوم أمريكا بفرض ضريبة على قطعة ملابس مصنعة في البنغلاديش هي ٢٠ ضعف لتلك المصنعة في انجلترا؟

 ولماذا الدول التي تنتج ٩٠٪ من محصول حبوب الكاكاو في العالم تصنع ٥٪ فقط من شوكلاتتها؟

ولماذا عندما تحاول دول منتجة لحبوب الكاكاو كغانا وكساحل العاج ان تصنع شوكلاتتها يتم ضربها بالضرائب حتى تخرج من سوق المنافسة؟ 

ولماذا الدول الثرية التي تصرف أكثر من بليون دولار يوميا على دعومات لمزارعيها تطالب دول فقيرة كالهند أن تسحب كل الدعومات على الزراعة بما فيها دعم الكهرباء ؟

لماذا إذا الدول المُستَعمَرة التي ظلت عرضة للنهب لأكثر من نصف عقد من مُستعمِرِيها هي غارقة في ديونها لنفس هؤلاء الناهبين وتدفع لهم ٣٨٠ بليون دولارا سنويا؟ 

****************************************

المحاضرة كاملة:

2 comments:

  1. مقال يفتح علي الزول
    ربنا يفتحا عليةي

    ReplyDelete
  2. لكننا فى المقابل لا نعفى أنفسنا نحن شعوب وحكومات العالم ( الآخر أو الأخير) فى أن تكون أوضاعنا بهذا الحد من البؤس.

    ReplyDelete