Wednesday 14 May 2014

حول قضية مريم يحيى- بقلم عبدالله عيدروس

طبيبة تواجه الاعدام لاتهامها باعتناق المسيحية ومائة جلدة لانجاب طفل غير شرعي
عبدالله عيدروس
7- مارس -2014م
تنظر المحكمة في السودان هذه الايام في قضية طبيبة تزوجت من اجنبي غير مسلم وانجبت منه طفلا وكانت الشرطة قد القت القبض علي المذكورة علي اثر شكوي تقدم بها احد افراد اسرتها بتهمة اعتناقها للديانة المسيحية وانجاب طفل غير شرعي، وتواجه المتهمة في حالة الإدانة تحت طائلة المواد 126 الردة،145 الزنا من القانون الجنائي السوداني عقوبة الاعدام علي تهمة الردة في حال ثبتت ولم ترجع عن اعتناقها ديانة غير الإسلام والحكم ببطلان الزواج والجلد مائة جلدة علي تهمة الزنا.
غني عن القول ان القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م الذي تم سنّه عقب استيلاء الجبهة الاسلامية القومية علي السلطة بالإنقلاب العسكري في العام 1989م يعبّر عن الخطاب الايدولوجي والفكر الاسلاموي الذي يتعارض مع الحريات بشكل عام وحرية العقيدة علي وجه الخصوص، ومنذ سنّ هذا القانون وقعت انتهاكات علي العديد من الضحايا ورغم انه لم تسجّل اي حالة اعدام تحت طائلة المادة المذكورة إلا ان المحاكم تقوم باجبار المتهمين علي الرجوع عن اعتناقهم لأي ديانة اخري غير الإسلام، او عن اي تعاليم للاسلام تختلف عن تلك التي تجيزها السلطات والفقهاء الرسميون.
في العام 2005م وبعد توقيع اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان والتي بموجبها تم التوّصل لدستور السودان الإنتقالي للعام 2005م الساري حتي الآن وفي الباب الثاني منه يتضمن وثيقة الحقوق ، المادة (38) والتي تنص علي حرية العقيدة والعبادة، وعدت حكومة السودان باجراء مراجعة شاملة للقوانين السودانية والغاء كافة المواد التي تتعارض مع الدستور، وعليه تم تقديم عدد من القوانين التي تمت مراجعتها واجازتها عبرالمجلس الوطني الانتقالي (البرلمان) الذي تم تشيكله بموجب الاتفاقية في ذلك الوقت منها قانون الصحافة والمطبوعات وقانون الامن الوطني وقانون استفتاء جنوب السودان وقوانين اخري عديدة إلا ان هذه المراجعة لم تشمل القانون الجنائي لسنة 1991م الذي يتضمن موادا تتعارض مع الدستور وتنتهك حقوق الانسان في مسألة حرية العقيدة وغيرها من الحقوق والحريات.
اعلنت السلطات علي لسان رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات بعد ان حسمت نتيجة الاستفتاء لصالح خيار الاستقلال لجنوب السودان في يناير من العام 2011م ان ما تبقي من الدولة ديانته الرسمية هي الاسلام ولغته هي اللغة العربية وانه بعد ذهاب الجنوب الذي يعتنق غالب مواطنيه ديانات غير الاسلام منها المسيحية ومنها الديانات الأرواحية ان العهد الجديد لحكومته سوف يتضمن التطبيق الخالص للشريعة الإسلامية بما لن يسمح باي تلاعب يقصد به اظهار وجود غير المسلمين في البلاد أو التنوع الثقافي والعرقي للناطقين بغير اللغة العربية، وعلي اثر ذلك شرعت السلطات في اجراءات تضييق علي الكنائس والمسيحيين السودانيين الذين اغلبهم من عرقية النوبة، وقامت باغلاق ومصادرة لممتلكات الكنائس، كما قدّم العديد من السودانيين الذين اعتنقوا المسيحية للمحاكمة، واعتقال العديد من القساوسة بتهمة العمل في التبشير ونشر الديانة المسيحية بين المواطنين.
ان ما يجري من اضطهاد للمسيحيين ومن ضمنه القضية التي امامنا والتي تواجه فيها هذه الطبيبة حكم الاعدام وابطال الزواج مقنن في القوانين السودانية بما ينبئ بإن الانتهاكات سوف تتواصل ما لم يتم الغاء المواد المتعارضة مع الدستور ومع الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو الامر الذي يبدو بعيدا في الوقت الحالي في ظل اتجاه النظام للظهور بوجه اكثر راديكالية في اصراره علي تطبيق الشريعية الاسلامية مع سيادة حالة استقطاب ومزايدة بين الاسلاميين في السودان.
انقاذ هذه الطبيبة يحتاج لموجة تضامن واسعة وتركيز علي الانتهاكات التي ترتكب بواسطة النظام العدلي السوداني نفسه وليس تلك التي تتم خارجه .
هوامش:
1- القانون الجنائ السوداني لسنة 1991م
الردة .المادة 126
ـ (1) يعد مرتكباً جريمة الردة كل مسلم يروج للخروج من ملة الإسلام أو يجاهر بالخروج عنها بقول صريح أو بفعل قاطع الدلالة
– (2)يستتاب من يرتكب جريمة الردة ويمهل مدة تقررها المحكمة فإذا أصرعلى ردته ولم يكن حديث عهد بالإسلام، يعاقب بالإعدام
تسقط عقوبة الردة متى عدل المرتد قبل التنفيذ –(3)
2- دستور جمهورية السودان الانتقالي لعام 2005م
الباب الثاني : وثيقة الحقوق
لكل إنسان الحق في حرية العقيدة الدينية والعبادة، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته أو التعبير عنهما عن طريق العبادة والتعليم والممارسة أو أداء الشعائر أو الاحتفالات، وذلك وفقاً لما يتطلبه القانون والنظام العام، ولا يُكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة طقوس أو شعائر لا يقبل بها طواعية
3- الاعلان العالمي لحقوق الإنسان
المادة 16
1. للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
2. لا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
3. الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
المادة 18
لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده.

No comments:

Post a Comment