Wednesday 30 September 2015

انقلاب ضد الأمومة

مستهل: هذه الكتابة لعصمت الدسيس في والدته، أمنا، العينة الأمين- بتصرف مني
منذ معرفتي الأولى بعصمت كنت أستغرب انصرافه عن حكي تفاصيل حوادث اعتقاله ، أو حتى مجرد الإشارة إليها، في وقت كان الكثيرون يستعرضون نياشين اعتقالاتهم بفخر (فخر يستحقونه والله) . حتى التقيت والدته رحمها الله لاحقا واخوته، وعلمت أن كل حادثة إعتقال كانت تحمل ذكرى تؤذيه- "اعتقال صباح العيد وكنا قد فرشنا لتونا الملاءات الجديدة" "مطاردة في حفل قران أختك الصغرى منى" "اعتقال تبعته اغماءة الوالدة في المشفى" .
ومع ذلك يلزمك وقت لتكشف عن فخر هذه الأسرة الشريفة بإبنهم. وهي حكاوي كنت تلتقطها من بين ونساتهم التقاطا. كلهم يرونه الواجب ..الواجب.. لو أنك من الريف فإنك نادرا ما تسمع عن أب يباهي بحفر ابنه مجرى امام باب جيرانه ابان فيضان ما. يرونه الواجب. بذات النبرة التي يحكون فيها عن بذل ابنهم للوطن ، يحكون عن أول مولود له، يحكون عن عرضة في عرس احدى البنات، يحكون عن غرفة شيدوها في المنزل.- اسرة عزيزة وحميمة بحق.



أربعين يوما من الشوق ... الفقد

أذكرك و انت تَبسُطين طرف ثوبك لأخي طارق -ثاني ابنائك- ليدخر فيه حلمك - حلمك به عريسا. عاندتِ به يد صرَاف الحكومة المغلولة و رقة الحال ببسطك يد التفاؤل و الخير "اللازم ينتم " فإذا بك تصبحين و الشر يضحك في وجهك وقد أحيل طارق للصالح العام فاحتميتِ بعودة عباس-بكريك- من زالنجي " هكذا انت لا يعرف القنوط لك باباً" ثم صادرت كدح عباس ليتوزع على حلمين له ولأخيه  بقولك " كلو خير"،  و لكن أمي أين الخير و الشر في ارضك و سماءك؟  فهاهو عباس يأتيك 
ذات ظهيرة و صفعة الصالح العام تشوه وجه عودته إليك  ليتناثر ما في صُرة ثوبك على كِسرة اليوم و الهم .


أذكر لوعتك عند إعتقالي الاول و دموعك التي َحَجرتها الحيرة و السؤال حتى جاءتك الإجابة و إنجلت الحيرة بسلسلة الاعتقالات و المداهمات الليلية ، عرفتِ حينها أن الانقلاب كان و مازال ضد الأُم ، وتفجر دمعا فوق طاقة قلبك فزاحم نبضك وضَيَّق شرايينك ،و السُكّر الذي غاب عن شاي الصباح سمم دمك . 


 و بينما ثوبك مبسوط ليستر ضيق أسرة أُحيلت للصالح العام جئتك بقرار فصلي من الجامعة فشددتِ ثوبك ليمسح دمعك . الآن تمزق قلبك و إنكشف الستر عن الخوف فرضيتِ أن أبتعد عنك ليكون طرف الأمان عندي و طرف اللوعة و البكاء عندك . 


أُمي إختلط عليّ بٍرّك ببر الوطن و ما عناك فض اشتباكهما عندك،  فأنتِ الكل في مقام العطاء و البعض في مقام 
الشُكر تطعمينا لحمك  شبعا ، يميل هواك حيث نميل و تستقيم يدك حين نطلب يا سيدة العطاء يا أُم.


حين جلسنا حولك بخيبة الوطن رضيتِ أن تدفعي عمّن خانوا فقطعتِ جزءا مما تبقى من قلبك و حزمتِه بتأشيرات خروجنا ثلاثتنا -انا وطارق وعباس -من البلد ،من فؤادك، فأصبحت كأم موسى تنتظرين على جحيم الشوق أن نهاتفك لتعرفي أين رست سلتك و أنتِ أعلم الناس أن لا مرسى لنا الا حضنك.




و إستفرد بك الشر بعد أن نجيتنِا منه وقد رميتنا  في اليم ، فسلط عليك شياطين المرض و شياطين الطب حتى غرق مرضك الى أذنيه في يم الاخطاء الطبية، فدرنا بك الدنيا و قرأ أطباء الدنيا عليك كل تعاويذ الطب و لكن يد الشر غاصت عميقا في قلبك


الآن انا مثلك أدركت متأخرا أن هذا الانقلاب كان و مازال ضد الشرعية ، الشرعية الإلهية لحق الام في الحياة و الحلم .

2 comments:

  1. تديك أوطانك كف في الغربه الما معليش

    ReplyDelete
  2. فارغ هو فؤادنا من غير أمهاتنا.. ربنا يرحمها رحمة واسعة

    ReplyDelete