مامون التبيعة
"في سيرة الظل من العويش إلى اللبلاب"
"في سيرة الظل من العويش إلى اللبلاب"
2
عماد عبدالله
عشا الميتين:
(الحارة ما مرقت ,ست الدوكة ما ظرطت (..
غناها مامون – قالوا – مع شفع الحلة منتقلين من دارٍ لدار و على طول الحي من أول النهار لرابعته. يتقدمهم مامون - أعتاهم و الأطول - و يرفع عقيرته كواريكاً حين تصل الأهزوجة إلى حيث : قالت طوط .. فيصر مامون عليها , و يتلكأ عندها و يعيد ليكرر .
يومها كان يوماً للرحمتات , و الصيف لافح حتى انك لتبصر "الرهاب " على فقط مبعدة ثلاث بيوتٍ منك . جاء الشفع " كورجة " إلى باب الزنك اللبني الكبير لبيت " جاد الله الحلاق " . و الشفع :أمة أفرزتها البيوت كلما تقدمت الشمس لمنتصف سمواتها , فتخرج البيوت مخاليقها الساكنيها ثقلاً وراءه ثقل : شفع و أغنام و جداد و كلاب و كدايس . فتحشد لهم الشجرات النيمات الثلاث ظلها المشتبك مسدلاً , و تحته تفور حياة الحي : نسوة ينضفن الخدار لأخريات يغسلن الملابس , لستات الفول و التسالي , للماشطات و الممشوطات , لعبد الكريم سيد القش و عوض الله بتاع الداندرمه . تظل الشجرات يعبأها الحي ما اشتد صيف الصيف و زنخت البيوت و احترّت , حتى التأم الشفع هناك قوماً بلا عدٍ .
قرع الشفع و قرعوا على ما يحملون من جوالين و آنية حديدية قديمة ,و رددوا طويلاً : الحارة ما مرقت ست الدوكة ما ظرطت , و لا حياة لمن تنادي !!!زمانٌ مرّ و هم لا يبرحون باب الدار و يهزجون قارعين على ما يحملون في إصرار . خرج لهم جاد الله أخيراً و في إثره حجة بخيتة زوجته : (فرتقوا يا هووووي .. بلا ست الدوكة بلا بتاع .. يللااااا ). و كان جاد الله حلاقاً شهيرا , يجتمع عنده الحي بأكمله مساءا .. تترى الحكايات عند باب دكانته و يعلو صوت الرجال بالونسة و القهقهات ,فيفتون في السياسة و الكورة و التعليم و الأندية و الإندايات و و و و .. ثم ما يتبقى منهم حين الليل يفلل غير ثلاثتهم : جاد الله و صلاح حريقة و كمال حسبو . فيخرجون الجركانة الشهيرة و يعاقرون الليل غناءٍ و أنسا .
مامون وحده كان من وقف في وجه جاد الله مصراً على الغناء عالياً و التركيز على تلك ( الطوط ) في ذلك المقطع العجيب , يلقيها على وجه جاد الله من مقربة!! غضب جاد الله فأخذ من مامون غطاء الحلة الذي كان يحمل , و " لفخه "به على وجهه . قالوا أن ماموناً بكى و بكى و مرغ معصمه و كم العراقي الدبلان بسوائل وجهه .. و هتف في وجه جاد الله الحلاق و هو يبكي : (أدونا الفتة .. تطقني في راسي ليه ياخ ؟ أدونا الفتة )- ثم مكوركاً عالياً - (يا جعانييييين , ما بنمشي .. و الله الليلة ما نمشي . خالتي بخيتة دي زاتا فتتها كعبة) . ثم و فيما يشبه حصوله على كنز الكلام : (أمي قالت خالتي " بخيتة " في بيت الطهور حق ناس عبدالله قرني .. قالت خالتي بخيتة قالت طوط خلت النسوان يمرقن جري , بسسس (!!
قالوا أن جاد الله سمع ذلك , و أيضاً سمعت به أمة محمد القائمة تحت الشجرات النيمات , و سمع به العابرون للسوق .. كما سمع به الباعة المتلصصون بالنهار تربصا . قالوا فأقسم جاد الله على قتل مامون يومها , و على أثره انطلق أما مامون فللريح أطلق ساقيه , و اعتفرت الحلة في وسطها الترابي الفسيح جراء المطاردة تلك , لولا ان حالةً من " بيتانٍ " و ساقٌ التفّ بساقٍ , لحالة غثيان حلت بجاد الله منعته من اتصال الجري خلف مامون التبيعة , فقنع من الغنيمة بالإياب .
ظلت بخيتة منغلقة على بيتها , و لشهور من بعد عشا الميتين الشهير ذاك ما رأتها العالمين , من بعد أن طارت شهرتها بين الناس : ( بخيتة أم طوط ) ..قالوا فأغلق جاد الله الدكانة سحارة الحي , و هجر أصيحابه و هجرته الشهرة التي كانت قد انتقلت إلى حرمه إثر الحادثة تلك . و ما افتقده الناس .. إلا من كمال حسبو الذي بقي يروده على استحياءٍ و بين فتراتٍ متقطعاتٍ طويلة . يجيئه بلا غناء و لا ونسة تقتل صمت الليل بالقهقهات .
بقيت بخيتة ام طوط على سيرةً الألسن و جاد الله راجل بخيته ام طوط عاريٍ من شهرةٍ إلا ذاك الإسم المهين ذو التبعية , قيل حتى قيض الله لهم رحولاً من حلةٍ فيها مامون التبيعة .. فرحلوا .
الله يجازيك يا بت عمي.. دحين أنا هسي خليت شغلي وقعد اقرأ في الفيلم ده... كده كويس يعني؟
ReplyDeleteغايتو الحمد لله اللي قيضها لي في وقت كويس
ReplyDeleteفي برد المطارات و الإنتظار
كانت أروع هدية
سلمت يا ميسون