Thursday 26 November 2015

هل ينبسط الخروف بعيد الضحية؟

في الحقيقة دي مقاربة للعنوان الحقيقي للخطاب الطريف جدا القدمته ارونداتي روي واسمه:
"هل يبنسط الديك الرومي بعيد الشكر؟" 

وقد رأيت ان محاولة ترجمتي له هنا مناسبة مع صور اوباما "الكيوت" وهو-حسب التقاليد الرئاسية- يعفي ديك رومي من الذبح في يوم عيد الشكر




ارونداتي روي في بورتو اليقرا- البرازيل في منتدى الإجتماعي العالمي مع نعوم تشومسكي ٢٠٠٣

ارونداتي روي


روحي يا شيخة وانتي حلوة كدا -اضافة من المترجم 

(للناطقين بالإنجليزية تجدون مقتطف الخطاب في هذا اللينك)






هل ينبسط الديك الرومي بعيد الشكر؟

تماما كالامبريالية القديمة تعتمد الامبريالية الجديدة في انتصارها على شبكة من العملاء، نخبة وطنية فاسدة لخدمتها. لكن بعكس الامبريالية القديمة، لا تحتاج النسخة الجديدة منها للمجازفة في احراش المناطق الحارة وتعريض نفسها للملاريا أو الاسهال او موت الفجاءة. بوسع الامبريالية الجديدة ان تنجز أعمالها عبر الايميل.

عنصرية الامبريالية القديمة الفجة والمباشرة اصبحت موضة قديمة، اليوم حجر الأساس للامبريالية الجديدة هي العنصرية الجديدة. 

إن التقليد الرئاسي لإعفاء الديك الرومي من الذبح في عيد الشكر هو استعارة مناسبة لما اقصده بالعنصرية الجديدة. ففي كل عام منذ عام 1947 ، يقدم اتحاد الديك الرومي الفيدرالي ديكا لرئيس الولايات المتحدة الامريكية بمناسبة عيد الشكر، وفي كل عام يقام حفل مراسيمي فخيم، يقوم فيه الرئيس بالعفو عن الديك الرومي، ثم يتوجه لحفل العشاء ليأكل ديك روميا آخر. 

بعد انتهاء المراسيم، يُرسَل الديك المختار إلى حديقة (طاسة القلي) في فيرجينا ليعيش حياته في سلام. بقية الخمسين مليون ديك الذين يتم تسمينهم كل عام لاحتفالات عيد الشكر تذبح وتؤكل في يوم عيد الشكر. 

شركة (كورن-اقرا) وهي الشركة التي فازت بتعاقد الديك الرئاسي صرحت أنها تقوم بتدريب الديك ليكون اجتماعيا، وودودا مع المسئولين ومع اطفال المدارس الزائرين والإعلام (ولعلهم قريبا يتحدثون الإنجليزية!)

هكذا تعمل العنصرية الجديدة في عصر المؤسسات الذي نعيشه. مجموعة من الديكة الرومية المُسَمَّنة والمُختارة برعاية، نخبة وطنية من عدة دول ، صفوة من المهاجرين الأثرياء، اصحاب بنوك الإستثمارية، نسخة هنا من كولن باول، او هناك من كوندوليزا رايس، بعض المطربين والكتاب (مثلي)، هؤلاء يتم العفو عنهم والسماح لهم بدخول حديقة (طاسة القلي) . اما الملايين الباقية تفقد وظائفها، يتم طردهم من منازلهم، يتم قطع خدمة الكهرباء والمياه عنهم ويموتون بالإيدز، بإختصار : هؤلاء للسلخانة.

ولكن الاف الديكة المحظوظين في حديقة طاسة القلي بخير، بعضهم حتى يعمل في صندوق النقد الدولي أو منظمة التجارة العالمية ، فكيف بوسعنا أن نتهم هذه المنظمات أنها متعنصرة ضد الديكة؟ بعضهم يعملون في مجلس إدارة اختيار الديكة. كيف بوسعنا أن نقول أن الديكة ضد احتفال عيد الشكر؟ وهم يشاركون فيه. كيف بوسعنا ان نقول أن الفقراء ضد سياسات العولمة الإستثمارية؟ هناك تدافع مهول للدخول إلى حديقة طاسة القلي. فماذا إن مات بعضهم دهسا في طريقهم إليها؟ 

وضمن باقة العنصرية الجديدة، نحصل أيضا على الإبادة الجماعية الجديدة. 

الإبادة الجماعية الجديدة في عصر الترابط الإقتصادي العالمي الجديد يمكن انجازه عبر سياسة الحظر الإقتصادي. الإبادة الجماعية الجديدة تعني : خلق أوضاع  معينة تؤدي إلى الموت الجماعي دون الحاجة لأن تقتل الناس بيدك. 

دينيس هاليداي، منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية للعراق في عامي ١٩٩٧ و١٩٩٨(أو برنامج النفط مقابل الغذاء) والتي استقال فيها من منصبه متقززا، استخدم كلمة "الإبادة الجماعية" لوصف الحظر الإقتصادي على العراق . ففي العراق، تفوقت هذه الحظورات الإقتصادية على جرائم صدام حسين بعد أن تسببت في مقتل نصف مليون طفل .

في عصر الإمبريالة الجديد، الأبارتايد (أو سياسة الفصل العنصري) اصبحت تعتبر سياسة قديمة وغير ضرورية، الوكالات والقنوات العالمية للتجارة والمال تُشرِف على نظام معقد من اتفاقيات التجارة الدولية والعقودات المالية التي تحرص على ابقاء الفقراء في عشوائياتهم . غرض هذه القنوات الأساسي هو: موسسية الظلم وتقنين عدم المساواة. 

وإلا فلماذا تقوم أمريكا بفرض ضريبة على قطعة ملابس مصنعة في البنغلاديش هي ٢٠ ضعف لتلك المصنعة في انجلترا؟

 ولماذا الدول التي تنتج ٩٠٪ من محصول حبوب الكاكاو في العالم تصنع ٥٪ فقط من شوكلاتتها؟

ولماذا عندما تحاول دول منتجة لحبوب الكاكاو كغانا وكساحل العاج ان تصنع شوكلاتتها يتم ضربها بالضرائب حتى تخرج من سوق المنافسة؟ 

ولماذا الدول الثرية التي تصرف أكثر من بليون دولار يوميا على دعومات لمزارعيها تطالب دول فقيرة كالهند أن تسحب كل الدعومات على الزراعة بما فيها دعم الكهرباء ؟

لماذا إذا الدول المُستَعمَرة التي ظلت عرضة للنهب لأكثر من نصف عقد من مُستعمِرِيها هي غارقة في ديونها لنفس هؤلاء الناهبين وتدفع لهم ٣٨٠ بليون دولارا سنويا؟ 

****************************************

المحاضرة كاملة:

Saturday 14 November 2015

هذا يغير كل شيء! (الحلقة الأولى)

-الرأسمالية في مواجهة التغير المناخي- هذا هو العنوان الجانبي للعنوان الرئيسي لكتاب ناومي كلاين الجديد، والذي لا أجدني أبالغ إن قلت، أنه ربما يكون "مانفيستو" عصرنا هذا، فكما كان المانفيستو الشيوعي زهرة توحش الرأسمالية الأول في عصر الثورة الصناعية. فإن هذا الكتاب هو زهرة توحش الرأسمالية الثاني في عصر الثورة "الاستخراجية" *
* ما اصبح يسمى بالإقتصاد الاستخراجي الا وهو النشاط الاقتصادي المعتمد على استخراج مصادر الطاقة من باطن الارض والبحر(الفحم-نفط- الغاز الطبيعي- بيتومين (او الزفت) ..الخ)

 المعركة الأولى بين الرأسمالية ومناهضيها كانت ضارية وحامية لكن ناومي ترى ان هذه المرة فإن المعركة وصلت الى حلبتها الاخيرة والحاسمة. هنا الرأسمالية ترتدي قفازات المواجهة في قبالة التغير المناخي. لا بد لواحد ان يطيح بالاخر. لا مكان للاثنين بعد اليوم. اما ان تنتصر الرأسمالية وتهزم قضية المناخ وهذا يعني تغير كل شيء (في افضل السيناريوهات لو لم تعني انقراض البشرية، فإنها تعني وجودها بشكل مجهجه خلاص، في انفاق تحت الارض ولا حاجة كدا)
او ان تنتصر قضية المناخ وتهزم الرأسمالية (وهزيمتها ايضا تعني تغير حياتنا عن كل ما الفناه وتعودنا عليه بشكل مباشر في الثلاثين سنة الاخيرة 

هذا الكتاب لم يثر سخط انصار الرأسمالية والنيوليبرالية -بالعكس!  الكتاب ازعج مناصري قضية البيئة ذات نفسهم! اذ انهم رأووا ان الكتابة اقحمتهم في "عركة" جديدة هم في غنى عنها خالص!!. وانهم غير ناقصين معركة جديدة اضافة الى معاركهم مع شركات النفط ومناجم الفحم ومع القوانين والحكومات. لا يحتاجون فوق كل ذلك العنت، عنت الصراع الايديولوجي.

ناومي كلاين ترى ان اكثر الناس وعيا بقضية المناخ في وقتنا الحالي هم اليمينيون. صرح احد المشاركين في المؤتمر السنوي المنكر للتغير المناخي "ان قضية البيئة ما هي الا حصان طروادة اخضر يتخفى من خلفه الراديكاليون الحمر"

تقول ناومي : يا ريت لو فعلا الراديكاليون كانوا واعين وتخفوا وراء قضية البيئة، الا انهم في وادي تاني خالص*
*طبعا هي لم تقل كدا بالحرف انا بلخص في الكتاب


كما كل كتابات ناومي كلاين، لازم تشيل نفسك وانت بتقرا، لانك تحس انها تجك بك عاطفيا وفكريا، ولا تفرق بينهما - وهذا في رأيي- اجمل واجود انواع الكتابات- لا تلك التي تدعي برودة الموضوعية، فالموضوعية جياشة يخوانا. 



اعتقالها من امام البيت الابيض احتجاجا على خط انابيب كي ستون الذي يمر من كندا الى امريكا وعبره يضخ النفط المستخرج من الرمال النفطية اخطر انواع الوقود واكثرها اضرارا بالبيئة- مشروع الانابيب الذي ظل اوباما ملكلكا امامه -تقول ناومي: اوباما يقول "نعم" للبيئة دوما ما نحتاجه ان يقوله هو "لا" للوبي الشركات النفطية


(جدير بالذكر للناس البحبو الحاجات دي، انه عندها كتابين : لا للوقو، وعقيدة الصدمة تصدرا قائمة الكتب الأحسن مبيعا في العالم، كتابها الذي اصدرته عام ١٩٩٩ وكانت في ال ٢٩ من عمرها :نو لوقو  صنفها ضمن اهم الكتاب في العالم دون سن الأربعين)

عندما قمت بنشر خبر انني استلفت كتاب ناومي كلاين من المكتبة عن البيئة، كان هناك تعليق ملفت حول ما اذا كانت قضية البيئة هذه مجرد حملة "بيضاء" اخرى لانقاذ الأرض- ولعلها منذ الثمانينات لم تكن الا كذلك. قضية تخص "اهل شمال الكرة الارضية" يريدون ان يجعجوا بها ويصدعوا بها رأس اهل جنوب الكرة الأرضية الذين هم ما ناقصين وجع راس.

الكلام دا صحيح، لكن منذ تفاقم ازمة المناخ بشكل واضح انقلبت الموازين تماما. بوسعي ان اقول انها اصبحت قضية ملح الأرض. بل- ملح ملح الأرض- اذا كان في حاجة بالشكل دا. ولعلي لا أبالغ إن قلت أن الانتصار فيها هو انتصار المستضعفون الذين يرثون الأرض حقا. 

في الفلم* الوثائقي الشاعري الجميل المعنون بلغة حريفة تجمع بالانجليزية بين كلمة "السد" و"الخراب" . فيه ارونداتي روي تتابع نضال السكان الاصليين في الهند ضد سد النارمادا الضخم، والذي تقف خلفه شركات استثمار ضخمة والدولة بكامل عتادها.  تقول ارونداتي :ها هنا افقر من في الأرض وأبأس من في الأرض يعيدون تعريف معنى "السعادة" لنا جميعا. ما هي السعادة؟ ما هو الرخاء؟ ما هي الطمأنينة؟ ما هو الأمان؟
هنا بشكل واضح اكثر من اي وقت مضى في تاريخ البشرية. يجلس المثقفون والمفكرون على الدكة، بينما يمسك البسطاء بالطبشورة. 

*الفلم أهوه انصح به تماما

في حوار توجه المذيعة سؤالا لناومي كلاين: من اين تأتيك نبرة التفاؤل هذه؟ التي تبشرين فيها ب"حركة الحركات" -كما اسمتهاـ وهي حركة توحد جميع حركات العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حول العالم، تحت راية البيئة. فترد ناومي انه تفاؤل الواقع، وهي ترصد التحول الكبير الذي جعل النساء والسود والفقراء والعمال والمزارعين المأجورين والسكان الأصليون وسكان القرى هم اكثر الناس وعيا بقضية البيئة وفي الصفوف الامامية في معركتها لأنها اصبحت تمس حيواتهم بشكل فاضح. 

سأحكي بعض الحكاوي المفصلية في الكتاب، كأفضل وسيلة للتلخيص، حكيت من قبل قصة جداد الوادي ،والتي ترصد المراحل التي مرت بها حركة مناصرة البيئة من حركة شعبية حقيقية ثم تطوعنت وتأسست وفقدت بوصلتها، لكنها الان تعيد جذوتها من جديد مع حركات التغيير الاجتماعي الشعبية حول العالم.


قصة الرجل الإيطالي الأنيق:
في مقاطعة اونتاريو الكندية، تحاور ناومي كلاين ايطاليا انيقا، افتتح مصنعا للألواح الزجاجية المولدة للطاقة الشمسية- الألواح الشمسية. ينظر بحسرة الى مصنعه كما قبطان نبيل يشهد غرق باخرته.
مقاطعة اونتاريو كان قد اعلنت عن مشروع تحويل المدينة للعمل كلية بالطاقة الخضراء. احتفى العالم بهذا المشروع الطموح. يقول الايطالي: " كانت شركتنا الام تشرع في التوسع بتجارتها في امريكا. كنا قد رسينا على نقل المصنع الى كاليفورنيا أو تكساس أو هاواي حيث الشمس المشرقة والمناخ المناسب للإستثمار، لكن اعلان حكومة اونتاريو قلب موازيننا تماما، رغم برودة المدينة، وشمسها الضنينة، الا ان مشروعها الطموح شجعنا على نقل استثمارنا هناك. فهذا يعني ليس مجرد توزيع الواح زجاجية، لكن الحصول على بيئة عمل مستقرة وزبائن دائمون."
وما جعل المدينة تحتفي بمثل هذا الإيطالي وغيره هو شراءه لمصنع سيارات كان قد انهار بعد الأزمة المالية الأخيرة وتشرد عماله، فقام بفتح المصنع من جديد وتوظيف عمال تركيب السيارات والذين كانت لديهم الحرفة والخبرة في التعامل مع التركيب الآلي. ما يقدمه المصنع ليس فقط طاقة خضراء، بل ووظائف خضراء ايضا. تحمست المدينة للمشروع وقامت بفرض حوافز من شاكلة : اشتراط ان تكون هناك نسبة ثابتة من اجهزة وقطع الطاقة النظيفة مُصنّعة في المدينة ذاتها (لكن تشجع العمالة المحلية) وايضا تعريفة التغذية (دي عشان افهمها قعدت ساعة، والفهم قسم يا عينيا) - وهي تعرفة تدفعها الدولة للشركات التي تولد الطاقة النظيفة بجعل اسعار الشراء منافسة لشركات تولد الطاقة بالطرق التقليدية، مما يضمن استمرارية هذه الشركات. و كذلك عبر توقيع عقود طويلة الأمد. كما قامت بوضع بند يمنع الاحتكار ويفتح الباب لشركات التوليد المحلية (وليست فقط الكبيرة) ببيع الطاقة للشبكة (سواء كانت شركات تابعة للمحليات، او التعاونيات او للسكان الاصليين)- شرط ان تكون نسبة من عمالتهم وادواتهم المحلية تصل الى ٤٠٪ و٦٠٪- الذي حدث ان مقاطعة اونتاريو اصبحت اعلى مدينة مولدة للطاقة الشمسية في كندا ، وبحلول ٢٠١٣ كانت هناك شركة واحدة فقط تولد الكهرباء بالفحم، كما انها قدمت حلولا للعطالة التي شهدتها المقاطعة بسبب اغلاق مصانع السيارات والتي كانت تعتمد عليها، حيث قامت بتوفير ٣١ الف وظيفة محلية بحلول عام ٢٠١٤

لكن.. وآخ من لكن.. ما قامت به هذه المدينة هو مخالف لقوانين منظمة التجارة العالمية، فإن فرض نسبة من الصناعة المحلية للمعدات والالواح الشمسية يعد اخلالا بروح وقوانين المنافسة للشركات العالمية التي تورد هذه المعدات من الخارج، فإن قانون التجارة الحرة يمنع ما يسمى ب"المحاباة الوطنية" اي ان تحابي الدولة النشاط الاقتصادي الوطني ضد الاستثمار الأجنبي (سواء كان بتشجيع العمالة الأجنبية، او العقود المحابية للشركات المحلية، او تشجيع الصناعة الوطنية الخ).
ومنذها انسحبت اونتاريو من حوافزها، مما جعل كثير من الشركات تغلق اعمالها في المدينة. اخرهم الايطالي الأنيق الذي قلص من عمل فرع شركته، إلى حين انتهاء عقودات الضمان على الالواح التي اشتراها عملاؤه

ترد كلاين على المدافعين عن "روح التجارة الحرة" ان من جانب فإن قوانين التجارة هذه لا تنطبق على الحوافز المدفوعة لشركات الطاقة النفطية والتي تصل الى ما يقارب ٧٧٥ بليون دولار و الترليون دولار سنويا (نفس هذه الشركات لا تدفع نكلة مقابل الضرر البيئي المهيب الذي تسببه) 
من جانب اخر فما يجعل شركات الطاقة النظيفة هذه ناجحة ومُشَجَّعة من قبل المواطنين والحكومات هي قدرتها على خلق الوظائف عبر تشجيع الصناعات المحلية والشركات المحلية والحوافز الحكومية. صحيح! استيراد الالواح الشمسية من الصين قد يكون ارخص وفي متناول المستهلك، لكنه لن يساهم في خلق الوظائف ولن يشجع من خلق بيئة اقتصادية تسهم في مقايضة الطاقة التقليدية بالطاقة النظيفة (كما انه لو حسبنا الضرر البيئي من الباخرات الناقلة للالواح النظيفة فالموضوع بايظ اصلا)

-- هنا تتحدث ناومي كلاين عن احد اعداء قضية البيئة، وهي اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية (ك نافتا) او الجماعية (كمنظمة التجارة العالمية)، التجارة الحرة هي احد ركائز الرأسمالية العتيدة.. ان هبشتها فإنك في الحقيقة تهبش الرأسمالية. 
>>>>> في الحلقة القادمة قصة الانجليزي المجنون صاحب المنطاد




Tuesday 3 November 2015

دراما جداد الوادي-قصة مؤثرة خلاص

أنا ضحكت غايتو -لكن من حال البشر أفتكر. 

القصة دي من كتاب ناومي كلاين الأخير، حعمل عنو ملخص في اليومين الجايات -لكن هي هنا جايبة مثل عن كيف حركة الحفاظ على البيئة لما بدت في الستينات بدت كحركة حية وعارمة تضم قطاعات مختلفة من المجتمع (محامين وعلماء وسياسيين ومواطنين مهتمين وناشطين) وكانت بتواجه الشركات البتلوث البئية بشراسة ونجحت في إقتلاع تشريعات بقت شبه ثابتة في معظم دول العالم. أها في التمانينات الحصل إنه الحركات دي تطوعنت وبقت منظمات طوعية ومع صعود نجم الريغانيزم، والنيوليبرالية. قامت المنظمات دي اتبنت وجهة نظر تانية ، إنه بدل ما نواجه الشركات دي ونقاضيها ونمرمطها ما نجي نتعاون معاها، ونعمل أجندة مشتركة ها؟ ونحقق اهداف سوى ونتبع القاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار.و جابت القصة دي:


يحكى أن فصيل نادر من دجاج الوادي أو دجاج البراري والذي كان يجد في سواحل تكساس ولويزيانا مرتعا أصبح مهددا بالإنقراض بسبب أعمال التوسع الصناعي والسكني. ذلك الفصيل البهي الطلعة والذي كانت تشكل طقوس تزاوجه مزارا للمهتمين. حيث يقوم بدبكة تحفزية على الأرض و ينتفخ الكيسين على جانبي عنقه ويبدو وكأنه ابتلع بيضتين ذهبيتين. 
وحدث إنه أخر موطن باقي لهذا الطير هو في مكان في تكساس يبلغ سعته الفين فدان. وقد عزمت منظمة الحفاظ على البيئة أن تحتفظ بهذا المكان للطير دا. لكن في مشكلة!


أنظر رقصة التزواج في الفيديو أدناه:


الأرض دي مملوكة لشركة موبيل النفطية. صحيح هي لسة ما نزلت المعدات لإستخراج الغاز والنفط إلا كان في كذا بئر "نشطة" على اطراف الأرض وقريب من مراتع توالد جداد الوادي. لكن في العام ١٩٩٥ حصلت مفاجأة. شركة موبيل تبرعت بالأرض كلها لصالح منظمة الحفاظ على البيئة على أمل في إنقاذ واحدة من أندر فصائل الطير في العالم كما وضحت الشركة سبب تبرعها. وسعد الجميع بالخبر دا، وأعلنت المنظمة إنه الآن هي عازمة على الحفاظ على نسل الطير دا، واحتفلوا بالنموذج الناصع والساطع لما يحدث لما نتنبنى سياسة شراكة لصالح البيئة بدل سياسة المواجهة.

لكن وبعد ٤ سنوات حصل شيء غريب. منظمة الحفاظ البيئة شرعت في القيام بنفس الشيء الذي ظن الجميع أنها بتسعى ضده: ألا وهو منع إسختراج النفط والغاز من المحمية. أي نعم بحلول العام ١٩٩٩ كانت المنظمة قد أوكلت شركة تقوم بحفر آبار لإستخراج النفط والغاز - بحيث تعود الملايين من دولارات الأرباح إلى خزانة المنظمة. وبعكس الآبار القديمة الكانت على حدود المحمية ، الآبار الجديدة كانت أقرب وأقرب من مكان توالد وتجوال الدجاج. واستمر الحال في صمت مريب لحين ظهور مقال في لوس أنجليس تايمز عام ٢٠٠٢ كاشفا عن ما يحدث في المحمية البعيدة. وكان الأمر بمثابة الصدمة لأنصار منظمة الحفاظ على البيئة، اتخيل مثلا لو إنه إكتشفت إنه منظمة العفو بتدير زنازين خاصة في سجن قوانتانامو- أها هكذا كان وقع الصدمة على الأنصار.

ثم ظهر مقال صحفي تعمق أكثر في ما يحدث في المحمية والذي أوضح أن واحدة من أبرز منظمات الحفاظ على البيئة أصبحت تتباهى بكونها شركة تعدين للنفط.

المسئولون في منظمة الحفاظ البيئة وكأنهم استعاروا أصوات ونبرة سلفهم من شركات النفط قالوا:" بوسعنا أن ننقب عن النفط دون أن نضر بجداد الوادي. " ولكن كان ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة.

فإلى جانب أعمال الحفر والخبط والرزع والحفر والضوضاء والكشافات المشرعة ليلا والتي أقلقت مرقد الدجاج. كانت هناك عدة حوادث أضرت مباشرة بحياة الجداد.

مثلا، بسبب حالة الدجاج الحرجة والآيلة للإنقراض كان هناك مشروع شراكة حكومي أهلي يعمل على حضانة فرخ دجاج الوادي لمدة قبل إطلاقه في البرية. ولكن في إحدى المرات بسبب عطل في إحدى الأنابيب النفطية تأخرت عملية إطلاق الفرخ في البراري لمدة ثلاثة أشهر، وعندما تم إطلاق الدجاج، كانت لقمة سائغة لموسم الطيور الجارحة المهاجرة في هذه المدة بالذات في الأنحاء. 
إطلاق الطير كان كارثة في تلك السنة، السبعتاشر فرخة التي أطلق سراحهم قتلوا جميعا في فترة قصيرة. 

بحلول عام ٢٠٠٣ منظمة الحفاظ على البيئة أعلنت أنها تحتضن الآن ١٦ دجاجة فقط وهي أقل من ال٣٦ دجاجة الكانت موجودة قبل عمليات التنقيب والحفر. 

بعد هذه الفضيحة أعلنت المنظمة أنها لن تقوم بأي أعمال حفر أو تنقيب جديدة في المحمية. لكن عند الكشف عن تواصل عمليات الحفر، عللت المنظمة أنها ملزمة قانونيا بمواصلة أعمال الحفر القديمة بحسب العقد الملزم بينها وبين شركة التنقيب، أي نعم في آبار جديدة اتحفرت، لكن دي مجرد آبار تعويضية للآبار القديمة التي حصل ليها تلف أو غمرتها المياه بما أضرت بمصالح شركة التنقيب.

ورغم إنه المنظمة تملك صلاحية إيقاف أي أعمال تضر مباشرة بحياة الدجاج ، فقد واصلت المنظمة أعمال الحفر معللة أنها قاعدة تستشير في خبراء يؤكدون أن لا خوف ولا ضرر على حياة الطيور النادرة. 

وبرغم الضجة التي أثارتها القضية في كون ليه واحدة من منظمات الحفاظ على البيئة متورطة في عملية إستخراج طاقة مضرة بالبيئة من أساسه، إلا أنه الضجة كلها خفتت وذلك لأنه بحلول نوفمبر ٢٠١٢ كانت منظمة الحفاظ على البيئة قد أعلنت عن إختفاء آخر الطيور من فصيلة دجاج أتووتر البري وأن ليس لديها أي علم بوجود أي من هذه الطيور على المحمية التي تديرها.


"جدير بالذكر أن الموقع الإلكتروني للمنظمة لا يزال يباهي بمقدراتها الإدارية في مجال المحميات الطبيعية والتي هي على استعداد لمدها وإعارتها للمحميات الأخرى كي تستفيد منها"

مقتبس من كتاب ناومي كلاين ( هذا يغير كل شيء: الرأسمالية في مواجهة التغير المناخي)