Wednesday 8 May 2013

في أمل؟ إيه في أمل (حول سودان فيلم فاكتوري)

هناك اسم يصيب قلبي بخطفة كلما تذكرته .. "وحدة الأفلام السودانية- وزارة الثقافة والفنون" . وسبب الخطفة ليس هوى خاص للسينما، بل تلك الروح المفقودة للدولة ... روح الإستثمار فيما لا يعود بربح مادي مباشر . كان مشروعا منحازا بقوة للسودان، لدولة السودان، وللسوداني.

يتابع قلة مننا هذه الأيام جلسات تداولية هي في غاية الدقة والأهمية. عملية ولادة محاطة بكثير من الترقب والحذر حرصا على سلامة وعافية المولود. ألا وهو فك الإرتباط بين المعهد الثقافي الألماني و ورشة صناعة الأفلام السودانية. او هي ما تعرف بسودان فيلم فاكتوري  هو "انفصال" إذا شئت، بلغة نتقنها هنا في السودان، لكنه انفصال مدار بدرجة من النضج المفقودة في عالم السياسة، إذ ان عملية الإنفصال مسبوقة بثلاث سنوات تراكمت فيها درجة من الخبرة اللازمة لإدارة مشروع شديد الخصوصية لكونه تجربة أولى غير مسبوقة في السودان من ناحية نوع المنتج :(أفلام) ومن ناحية التوجه، فهو مشروع (تدريبي) و(فني) و(إنتاجي) في آن واحد، وأظن التحدي سيكون في المحافظة على هذه المكونات الثلاث دون التضحية بأحدهم. وهي ثلاث سنوات استطاعت الورشة أن تحدد الوجهة التي ستتحرك تجاهها معضدة بما يلزمها من شبكة علاقات وقنوات تعينها على المسيرة.

لكن...لكن...التحدي الحقيقي سيكون في تحسس الورشة أول خطوات الدرب الخشن للعمل المستقل في السودان ..من ناحية قوانين العمل والإستثمار، ومن ناحية التعامل مع الجهات الرسمية والاهم من ذا وذاك ، عامل "الجودة" الذي كثيرا ما يتم التضحية به لصالح "الإستمرارية" في سوق العمل، وهي أمور كان تقيهم منها مظلة المعهد الألماني.

الجلسات يحضرها العديد من شركاء الهم من المهتمين بالشأن الثقافي وممن يحلمون بـ"السينما" في السودان. ورغم القلق المشوب الذي يحيط بالورشة، إلا أنني أرى أنه قلق غير مبرر. فإلي أي منتهى ستنتهي إليه الجلسات سواء كانت بالإيجاب أو السلب (بحسب قياسك لما هو سلبي وما هو إيجابي) فإن الحوار المدار في هذه الجلسات هو من أهم الحوارات التي ستدار في تاريخ السودان الحديث، أقولها صدقا لا مبالغة. أملي أن يتم التوثيق لها كاملا. هي جلسات ستجيب على أسئلة وستتولد عنها أسئلة تتنظر الإجابة المستقبلية. وهي المجهر الذي سيعكس كل ما يجري حولنا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا (كمجتمع) لمن يجيد منا التحليل الحصيف.

إذ أنها ملخص الحديث حول الإستثمار فيما لا يعود بربح مادي مباشر مكافئ ومماثل لما سيبذل فيه، هو الإستثمار في مشروع ينحاز بقوة للسودان ولدولة السودان التي تريد أن تكون، وللسوداني. 
سيكون من المثير جدا متابعة ما ستئوول إليه الجلسات. وستجيب على سؤال مهم جدا يخصني: هل نضجنا بعد؟
ماذا إن خرجت الورشة بصفقة رعاية طفولية (وقد سقط في هذا الفخ العديد من المؤسسات الثقافية) ، أعني بذلك صفقة يخرج منها الطرف الأضعف خاسرا (المؤسسة الثقافية بالطبع)، هل تستطيع أن تفرد عضلاتها لمحاورة مؤسسات الإستثمار؟ مستخدمة مفردات السوق دون أن تنخر عضم المؤسسة الإبداعية؟ ما مدى قدرتها إدارة الحوار مع معطيات الوضع الحالي..قدرتها على الحوار ..لا الصدام  هو مقياس النضج فعلا..قدرتها على تخطي المعوقات والخروج من التحديات دون خسائر تخدش عظم المشروع

التحدي مرفوع في أوجهنا نحن جميعا..وكل من يجلس خلف مقعد من مقاعد المسئولية. وليس في وجه أصحاب المشروع وحدهم. أنا أكتب من خلف مقعدي كأم، ولا يختلف الإستثمار في هذا المشروع عن أي مشروع توفير بنكي لدراسة مستقبلية لولدي..ولا دفوعات مؤجلة لمنزل أود ان اخلفه لهما. هو الإستثمار في السودان الذي أود يمدوا نسبهم إليه وأن يحلموا بلسانه.

ليست ورشة صناعة الأفلام السودانية، هي البديل لوحدة أفلام السودان التابعة لوزارة الثقافة (وهو حلم مفترض)، لكنها الفرشة التي ستضع هذا الحلم المفترض نصب الأعين. وسيكون مدى تفاعل المواطن مع ما يحدث في جلسات الفصل هذه الأيام هو الإجابة على سؤال : هل نضجنا بعد...هل انتهيتا نحن كسودانيين؟ "نحن" ..نحن الذين أصبحنا لا نستثمر إلا فيما هو ملموس ومحسوس وما نرى عائده ماثلا ومباشرا أمامنا ..هل ما زال هناك سوداني...مواطن "الدولة" ام هل أصبحنا مجرد سماسرة للمستهلك والفاني؟ هل لدينا الإستعداد للاستثمار في المستقبل..هل نضجنا؟... إذا لم ننضج بعد...فلا سبيل للنظر صوب الغد.


2 comments:

  1. ما .. تشيلي .. هـــم

    ReplyDelete
  2. Great Article ya Maysoon there is no failure in this as failure is just a step towards success. I wish them the best of luck inshallah

    ReplyDelete