Tuesday 27 September 2011

السوسة اكلة الحقائب المدرسية

الحلقة الأولى من سلسلة: البديل شنو
السوسة أكلة الحقائب المدرسية
إلى مها الجعلي

(لسا بتسأل البديل منو؟
ما تسألني البديل منو
أسألني البديل شنو)
 أحمد محمود – دزا المنشق أو زولترون

هذا المقال يطرح حلا لمشكلة التعليم الـ "هسي"، الحالية في السودان
لن أتطرق لتعداد مشاكل التعليم في السودان، إذ لا يكاد يمر يوم دون الحديث عن ذلك ودون كتابة مقال عنه.
هذا المقال يطرح الحل ..الحل الواحد، الذي سيكون له تأثير الدومينو، ليطرح حلول أخرى لمشاكل أخرى

منتهى الصلف أليس كذلك؟ اظن ذلك أيضا. إلا أن هذا الامر يشغلني منذ اكتمال ملامح الوعي لدي (اي قبل بضع سنوات في الحقيقة)، ويستهلك كل حاسة في، فلا استطيع مقاومة احساس التأكد الفظيع الذي يعتريني بحيث لا يفسح مجالا لأشكك فيما أقول.

أنا اطرح الحل الاني، الحالي، ذو الاثر المستقبلي، اي أنه حل للمشكلة الانية في التعليم-الهسي- وسيعمل على حل المشاكل المستقبلية للتعليم

وأنا معكم في تساؤلكم: ماالذي يجعلني مؤهلة لأن أفتي في هذا الامر، دعك من طرح الحل له؟ أهي سنوات عجاف قضيتها في التدريس في المعاهد وبعض المدارس الخاصة؟ لا درجة في التعليم، ولا سنوات بحث في معهد عن البحوث والمناهج. أهذا المقال يعتمد كلية على هذا الشغف بكل حديث عن التعليم، كل ما كتب عنه وكل ما قيل فيه؟
بس؟

لا ليس هذا فحسب، هذا المقال هو خلاصة أكثر من عشرين عاما من تجربتي وخبرتي كـ    طالبة! قضيت ثلاثة أرباعها دراسة تحت ظل/هجير نظام الانقاذ. تستطيع ان تستنتج أني تعلمت "كفاحا". ففاقد الشيء أدرى بتحسس مواطن الفقد

إلى جانب ذلك فإني أجيب على تساؤلكم:
Why?
`بـ
Why not?
إلى الحل

الحل ايها القراء الكرام يكمن في.... الغاء امتحان الشهادة السودانية الثانوية العامة.
امتحان الشهادة الثانوية العامة يكلف الدولة مليارات الجنيهات في كل مراحله بدءا من تحضيره، طباعته، توزيعه وتأمينه ثم حمعه وتصحيحه. وهو في النهاية ليس اداة تقييمية حقيقية. فما الذي يقوله امتحان الشهادة حقيقة؟ أن الطالب يستطيع أن يتخاطب وأن يكتب وأن يقرأ الانجليزية؟
أن الطالب بوسعه أن يدرك العلاقات الرياضية بين الارقام، وأن يتعرف على تطبيقاتها من حوله؟
أن الطالب ايقظ فيه الفضول اللازم ليغوص في عالم الأحياء الدقيقة؟
ان الطالب بوسعه أن يكتب خطابا بسيطا باللغة العربية إلى جهة رسمية دون الوقوع في شنيع الأخطاء اللغوية والنحوية؟
ان الطالب يعرف من هو هتلر؟

ونستمع إلى تقرير وزير التربية والتعليم يذيع علينا أن نسبة النجاح في الرياضيات بلغت سبعون بالمائة، وأن نسبة النجاح في الانجليزية بلغت ثمانون بالمائة. ما الذي يعنيه ذلك؟ لا شيء.
 هذا إذا حصرنا الهدف من اكمال مراحل التعليم ما قبل الجامعي في التحصيل الاكاديمي لا غير.إن امتحان الشهادة الثانوية اداة تقييمية ضعيفة لا تعكس مقدار ما حصله الطالب من علوم.

أصبح التحضير للامتحان أشبه بالتحضير للمشاركة في برنامج مسابقات، يعتمد على السبوتينق، وهو جلسات توقع لما قد يجيء به الامتحان تعتمد على خبرة الاستاذ الطويلة في المشاركة في هذه المسابقات. أو بعض الحيل التي يبتدعها الاساتذة والطلاب على السواء: إذا وردت "تو" في الجملة، اختر الاجابة التي تحتوي على "اي ان جي"، وحيل أخرى ومهارات عجيبة.

 أحكي لكم حادثة، كنت أدرس في معهد للغة الانجليزية، وكان ضمن من ادرسهم طلبة في الصف الرابع اساس، كنا نتسكع في اللغة ونتذوقها، ونقارب ونسدد فيها حتى تقر في الافئدة فيصبح التحدث بها اشبه بالفطرة. هكذا درسوني في ما مضى. جاءتني والدة أحد الطلاب، سيدة فاضلة هميمة، من اولئك النسوة اللائي كرسن وقتهن وجهدهن في تعليم ابنائهن. نحتني جانبا وأخبرتني أنها تفضل لو أنني درست ابنها ما يفيد... تعجبت وذكرت أني ملتزمة بالمنهج المقرر، فأخبرتني أن هناك أجزاءا كبيرة من المنهج المقرر لن تدخل في امتحان الشهادة. قلت: ما زال هناك متسع من الوقت ، 4 سنوات اخرى للتحضير لامتحان الشهادة، وأن ما أقوم به سيسهل عليه كثيرا ويجعله متمكنا من اللغة. صححت قولي بأنها تعني امتحان الشهادة الثانوية لا الأساس، وأن الأولوية لديها هو ان يجتاز ابنها الامتحان، وسيكون هناك متسع من الوقت للاهتمام باللغة فيما بعد. ابني هذا كان يبلغ من العمر 8 ثمانية أعوام

وكلنا ندرك أن هذا مثال يتكرر كل يوم، فقد اختزلت المسيرة التعليمية في هذه اللحظة التي نجلس فيها لامتحان الشهادة الثانوية امام ورقة اختبار نرسم فيها دوائر عشوائية حول ما يسمى "بالاجابة الصحيحة".

صورة مأخوذة من قوقل


الحل هو الغاء الشهادة الثانوية العامة واستبدالها بأمرين: شهادة اكمال المرحلة الثانوية. وامتحان قبول للجامعات. نعني بذلك:

شهادة اكمال المرحلة الثانوية:

ما الغرض الذي من اجله كانت المرحلة الثانوية، والتي هي اعلان لاكمال التعليم المدرسي؟ هل هي مجرد جسر للوصول إلى الجامعة ؟
ما الذي نأمل أن نراه في طالب أكمل تعليمه المدرسي؟

في رأيي ما نأمل أن نراه هو انسان ناضج، تم تدعيمه بما يفي من معارف ومهارات لأي قرار يتخذه فيما بعد، سواء كان ذلك القرار الحصول على درجة جامعية، أو الالتحاق بمعهد تقني او امتهان مهنة أو حرفة أو كان هذا القرار أن يتدرب في مؤسسة أو مهنة ما قبل أن يكمل حياته.
أي نمنحه القدرة على اتخاذ قرارا صائبا، والقدرة على الايفاء بمتطلبات هذا القرار.

سنرفع الضغط عن المدارس الثانوية التى ضحت بالكثير من برامجها الضرورية وكرست نفسها لتصبح مجرد الة تحصيل لأعلى النقاط في امتحان الشهادة (مرة كنت في زيارة إلى مدينة سنار، وجدت يافطة اعلان لمدرسة كتب عليها الاتي: الصف الاول الثانوي: 100.000- الصف الثاني الثانوي:150.000 – الصف الثالث الثانوي: 250.000 وقد اعجبني هذا المختصر المفيد جدا) . سنحمل هذا العبء عن المدارس، فشهادة الاكمال لا تؤهل الطالب لدخول الجامعة ما لم يتجاوز امتحان القبول. فلن يكون هناك سباقا محموما للمدارس في ان يذاع اسمها في نتيجة امتحان الشهادة المتلفز والذي على اثره تخلصت المدارس من البرامج الرياضية والتربوية والمعرفية التي تحول دون ان تذاع نسبة الناجحين بأنها مائة بالمائة. سنسحب بساط العظمة والاهمية من تحت ارجل المدارس الثانوية. لتصبح مجرد مدارس تعليمية تربوية معرفية. سنرجع قيمة الاستاذ، سنخلع عن رأسه قبعة الحاوي والساحر، ويعود مربيا كما كان، إذ ما عاد له سوى مهمة واحدة، أن يكمل الطلبة هذه السنة على خير ويسر وبركة، وأن يمنحهم عصارة ما يعرف ويملك في هذه الحياة.
شهادة الاكمال تقوم على اختبارات تضعها المدرسة نفسها وتجيزها الوزارة أو ادارة المنطقة التعليمية، وهي اختبارات توضح أن المدرسة قامت بدورها في تدريس المنهج للطالب كما هو. بالاضافة إلى هذه الاختبارات فإنها ستحتوي على شهادة من المعلمين والمشرفين التربويين على اداء الطالب المدرسي طوال فترة دراسته الثانوية(مجدا كان أم كسولا، طموح ، أو أنه طالب واعد، تتحدث عن ميوله واهتماماته وما يرجى منه). وتكون هذه الشهادة وفق ضوابط ومعايير ليست صعبة، بل اظنها كان معمول بها قبل تثوير التعليم.
هذه الشهادة ذات أهمية خاصة لامتحان القبول للجامعة الذي سنأتي إليه بعد قليل، إذ انه يوضح ما إذا كان هذا الطالب ملائما للكلية التي تقدم إليها.
وهذه الشهادة ايضا ذات أهمية لمن أراد أن يتحصل على عمل(او التدريب على عمل) فهي أشبه بشهادة التوصية التي نشفعها بسيرنا الذاتيه عند التقديم لوظيفة. فقد يهم النجار أو الميكانيكي ان يعرف ميزات المتدرب لديه.

أدرك تماما بقولي هذا أني سأقطع وسيلة (أكل عيش) للكثير من الاساتذة الخصوصيين، والمعاهد المسائية الخاصة، ادرك ذلك تماما وقلبي معهم. إلا انني أرى أن يوجه المال الذي كان مكرسا لامتحان الشهادة العقيم، إلا منفعة الاستاذ وخدمة البرامج المدرسية. لا اعني نقدا فحسب، فأنا أرى أيضا ان يكافأ الاستاذ ببدائل معيشية (تخفيض خاص في المواصلات والبنزين، تخفيض في المرافق الصحية والمستشفيات-وأظن أن هذا الامتياز معمول به، اعفاء ضريبي) لنجعل حياتهم معقولة، لنحمل عنهم القليل من العبء، ونمنحهم راحة بال تمكنهم من التوجه روحا وعقلا لابنائنا وبناتنا. أعرف أن الكثير من الاساتذة يفضلون ذلك كثيرا على حياة الحرمان الاجتماعي والروحي التي يعانونها وهم يتنقلون من منزل إلى منزل، ومن معهد إلى معهد ليوفروا سبل عيش كريم لأسرهم.

امتحان القبول الجامعي:

كما ذكرت فإن امتحان الشهادة الثانوية لا يعكس المحصل الاكاديمي الحقيفي للطالب، ونعرف تماما أن الكليات اصبحت تخصص السنة الأولي فيها لإعادة تأهيل الطالب ليكون "اكاديميا" يليق بالجامعة. وهذا ما يسمى الان في الجامعات (بالمتطلبات: ويدرس فيه اللغة العربية والدين والثقافة العامة)
امتحان القبول لن يكون نسخة مكررة عن امتحان الشهادة الثانوي...إطلاقا! هذه سيرة وانتهينا منها
امتحان القبول سيوضح للكليات أن هذا الطالب أو الطالبة مادة خام طيبة للالتحاق بالكلية وأن ترفد فيه من معارفها.
امتحان القبول هو امتحان مهارات اساسية يستعرض الاتي:
* ان الطالب يستطيع ان يفهم المعلومة التي أمامه وأن يحللها، اي أن الطالب يملك مهارات البحث العلمي
* ان الطالب يستطيع ان يعبر عن نفسه تماما بشكل واضح لغويا ومنطقيا
* ان الطالب لديه القدرة على تحليل المسائل وحلها
نعم هي اشبه بامتحان القبول الجامعي الامريكي الـ
SAT
هذا الامتخان يتم وضعه بواسطة مجلس امناء الجامعات السودانية (بالطبع لا يوجد شيء كهذا..العلينا ليس بهين) وفيه تحدد الجامعات ما تريده وتتوقعه من الطالب الجامعي لديها ، اضافة لشهادة الاكمال الثانوية
أي أن هذا الامتحان لن يدخل في تفاصيل المنهج إلا فيما يعرف بالامتحانات المتخصصة، وهذه للكليات التي تطلب أن يكون للطالب معرفة متخصصة في الرياضيات او العلوم (كالاحياء والكيمياء والفيزياء) وهي أيضا تتركز على معرفة الطالب الاساسية والتي يمكن ان تتطور بدخوله للجامعة.

ميزة هذا الامتحان على امتحان الشهادة الثانوية هو كالاتي:
* أنه  يعطي سعة لطلاب حالت ظروفهم دون الالتحاق بالجامعة في السنة ذاتها، فيجلس لامتحان القبول دون الحاجة لأن يعيد السنة الدراسية كلها كما هو الحال الان
* انه مرتبط بجدول الجامعة الزمني، إذ كثير ما تحدث ربكة بين سنة الاكمال المدرسي وبداية الجامعات بسبب تأخر هذه أو الاخرى
* أنها ستخلصنا من معضلة أبناء المغتربين ومعادلة شهادتهم، فيكملون شهادتهم أينما هم ، ثم يجلسون لامتحان القبول
* أنها ستخلصنا نهائيا من مسألة القبول الخاص، والدراسة بالجنيهات والدولارات، فهو امتحان اساسي يوضح إن كان الطالب لائقا للدراسة او لا (دعك من الشروط الغريبة للقبول الخاص التي تسمح للدراسة لمن هم دون النسبة اللازمة لدخول كلية ما، إذ ان هذه النسبة تمثل الحد الأدني...الأدني للدخول للكلية، فصاحب القبول الخاص هو دون الحد الادني لدخوله الكلية، باختصار هذا يعني أنه غير لايق للالتحاق بها)
* ستخلص الجامعات من عبء ومنصرفات "المتطلبات" واعادة تأهيل الطالب الجامعي، لتخصص السنة الاولي لما صممت له.
* لأن الامتحان امتحان مهارات وقدرات، فلن يكلف الوزارة ما تكلفه امتحان الشهادة في التحضير، والتأمين والسرية. حتى إن ضرب الامتحان وكشف قبل وقته فإن ذلك ليس كارثيا ويمكن تداركه بسهولة
* مهما كرست معاهد للتوقع أو السبوتنق أو معاهد ومعلمين خصوصيين للتحضير لامتحان القبول، فان هذا لا يعني من أن يكون الطالب بالفعل لائق لدخول الجامعة لكي يجتاز الامتحان.

وتعرفون امرا اخرا، سيخفف هذا كثيرا من احد اسباب النزوح الرئيسية من القرى إلى المدن، فأنا أعرف اسرا كثيرة رحلت إلى المدن ليدرس ابنائها في مدارس المدينة التي تتيح لهم فرصة أكبر في اجتياز امتحان الشهادة. لأن المدارس الثانوية لن يكون لها علاقة بالقبول الجامعي ، فإن مدارس القرية كمدارس المدينة بالضبط لها القدرة على منح شهادة اكمال ثانوية دون مفاضلة.

نأتي للمنهج والسلم المدرسي وشح الموارد بمعظم مدارس الدولة. هذا الحل الذي اقترحته هو مفتاح الحل للمشاكل الاخرى. فكما أني كنت ضد التثوير في حل النظام التعليمي السابق، فأنا ضد التثوير في حل النظام التعليمي الحالي، لا بد من فترة فطام، تيسر لأبنائنا الانتقال إلى نظام أفضل، وإلا فإن للتسرع والتثوير نتائج كارثية.

في محاضرة لمختص تربوي وتعليمي بارع، تحدث عن مثل للعملية التعليمية: قال إنه تذكر كاتب مسرحي مشهور سئل عن العناصر التي يمكن الاستغناء عنها دون أن تلغي وجود المسرح، فقال: يمكن التخلص من الستار، لا تحتاج إلى ستار ليكون لك مسرح، يمكن الاستغناء عن الموسيقى، عن مبنى المسرح، يمكن الاستغناء عن الاضاءة ، يمكن الاستغناء عن الازياء والمكياج، يمكن الاستغناء عن الديكور، يمكن الاستغناء عن النص فهناك مسرح مرتجل، بل ويمكن الاستغناء عن خشبة المسرح، كل ما تحتاجه هو ممثل في مساحة ما ، وشخص يتفرج على هذا  الممثل ليكون لديك مسرحا. فذكر المحاضر أن الامر نفسه يعود إلى التعليم، يمكننا الاستغناء عن كل شيء ، كل ما نحتاجه هو معلم وطالب، وهذه العلاقة التبادلية التي تنشأ بينهما وانه يجب تكريس كل الحهود لتدعيم هذه العلاقة، لا اعاقتها.

وهذا تماما ما يحدث الان في السودان، كالمناهج العاطلة التي تجعل الاستاذ في وادي وطالب في وادي
كهموم الحياة وصعوباتها التي تجعل الاستاذ منشغلا عن الطالب
كقلة تدريب الاستاذ وقلة تأهله التي تجعله غير قادر على التواصل مع الطالب، كما أن طالب اليوم يملك معارفا ليست في متناول الاستاذ وليس له القدرة على ادراكها أو تخيلها.
السياسات الادارية التي تكبل من العلاقة بين الطالب والاستاذ (كدفع المصاريف الدراسية، الجداول المزدحمة، البرامج التي تحصر العلاقة بين المعلم والطالب في مساحة الفصل الضيقة، اكتظاظ الفصول)
تحدث كثيرون عن سياسة الضرب في المدارس وكيفية ضبطها، وكان هناك جهد كريم من بعض المختصين السودانيين الذين صمموا منهج وساطة بين الاستاذ والطالب. إلا أن كم الاحباط والضغط المكبوت الناتج من عدم اكتمال العملية التعليمية والتي تمنع شرطها الاساسي في وجود علاقة في الأصل (دعك من سيئة أو جيدة) بين الطالب والاستاذ

لأن شهادة الاكمال المدرسية ليست موحدة، فهي تتيح للاستاذ أن يعتمد على موارد أخرى في سد نقص المنهج بدل تكريس الوقت في اقناع الطالب بهذا المنهج العقيم . مثل هذا شرحه لي ناظر مدرسة بأتلانتا في الولايات المتحدة الامريكية، واعجبني جدا.

لأنه في نهاية الأمر ، الان والحال أن العلوم تتطور مع كل دقيقة، ليس في مهمة الاستاذ أن يملك الطالب المعلومة، لأن في عصر التجدد المعلوماتي، هذه المعلومة التي تعطيها للطالب في ذلك الماضي الزمني تصبح بلا قيمة، لكن مهمة الاستاذ أن يعطي الطالب شيئا ذو قيمة متجددة ولا متناهية وهي : التعطش للمعرفة ومطاردة ومتابعة المعلومة (الفضول المعرفي) ، القدرة على تقصي المعلومة ومعرفة مكان تقصيها، القدرة على التصرف بالمعلومة والاستفادة منها. هذا الجانب الاكاديمي

فالاعتماد على المصادر المتعددة لا يربط المدرسة بتوفر الكتاب المدرسي أو عدم توفره، ولا يربط المدارس "الان" برداءة مناهج الوزارة
أما الجانب التربوي الحديث فيه يطول...لكنه لن يتاح له المجال، ما لم نقوم بالغاء امتحان الشهادة الثانوي

الاهم من هذا أنه سيعيد الاهمية لكل المراحل المدرسية ومدرسيها. فالسنة الرابعة أساس هي في أهمية السنة الثامنة أساس
والسنة الأولى ثانوي هي في أهمية السنة الثالث ثانوي. لكل دورها واهميتها المخصصة لها، لا تتعجل احداهما على الاخرى، كل تريد أن تحقق الغرض الذي وجدت من أجله فجسب. أعتقد- لا بل أؤمن- أن هذا سيكون له أثرا بالغا في العملية التعليمية في السودان.

إذا فعلنا ذلك ستعود البرامج الرياضية والثقافية والاحتفالات والرحل المدرسية تلقائيا، هذه الجهود التي كثيرا ما كانت تعتمد على الموارد المجدودة للمدرسة ذاتها وكانت تقام بأقل تكلفة، والتي الان تعد ترفا حتى في المدارس النموذجية والمدارس الخاصة.